التفاصيل مهمة، والحياة بدونها مملة، واختيارات البشر مرآة ترى من خلالها بعض مما يدور داخل صدورهم، وتعكس لك حقائق كثيرًا ما تختفى تحت الشعارات والمظلوميات.
أكررها على مسامعك بصيغة أخرى.. من يهمل التفاصيل، تأكله التفاصيل، أو يعاقب بالحرمان من الاستمتاع بالكثير من المضحكات المبكيات على أقل تقدير..
أنت مثلًا تسمع كل جمعة عن محاولة الإخوان الاعتصام فى «ميدان النعام» بمنطقة عين شمس، ويذهب الجزء الأكبر من اهتمامك إلى تصور شكل فض الاعتصام، والمعارك المتوقعة مع الشرطة والأهالى، ولكنك لا تذهب أبدًا إلى تلك المنطقة التى تكتشف فيها علاقة الإخوان بالميادين التى يقررون الاعتصام بها، كيف تفضحهم وتكشف عيوبهم، وتتجلى من خلالها مصداقية الحكمة الشهيرة الطيور على أشكالها تقع.
الإخوان فى ميدان النعام، ليست مصادفة، بل هو قدر يذهب بالأشخاص إلى حيث الأرض التى تفضحهم، ذهب الإخوان إلى ميدان يحمل اسم طائر يشبههم ويشبهونه.
النعام سريع جدًا، والإخوان كانوا أسرع تيار تسلم السلطة وضاعت منه فى سنة واحدة، بعد أن ظل 80 عامًا ينفق على تسمين تنظيمه من أجل تلك اللحظة.
النعام رغم ضخامته نظره ضعيف، ولا يستطيع الطيران، والإخوان تنظيم ضخم ولكن عقله عصافيرى، ويعانى من خلل فى الأداء، وبصره وبصيرته كانا أضعف من أن يمنحاه القدرة على رؤية تدنى شعبيتهم فى الشارع.
النعام يتم استئناسه وتربيته وتسمينه، والإخوان تم استئناسهم وتسمينهم بالصفقات مع نظام مبارك، ثم مجلس طنطاوى، حتى أصبحوا ذبيحة سهلة يستثمر فيها رجال سلطة ما بعد 30 يونيو، ويتكسبوا منها شعبيًا بشكل جيد.
الإخوان فى إشارة رابعة، قدر ومصادفة غريبة، مثلما كان وجود الإخوان فى السلطة مثل وقفة العابر فى إشارة مرور، كان وجودهم فى إشارة رابعة مثل وقفة العابر فى التاريخ المصرى، صفحة وانقطعت بعد أن سودتها منصة رابعة بتهديد المصريين والكذب والتزوير.
رابعة العدوية عاشت سنوات فى بحور العهر والذنوب والآثام، ثم تابت وتطهرت، الإخوان أيضًا عاشوا عامًا من العهر تحت إشراف محمد مرسى، وارتكبوا العديد من الآثام والذنوب فى حق الشعب المصرى، وفى حق شباب الثورة الذين تركوهم ينزفون فى الميادين، وجلسوا لعقد الصفقات مع عمر سليمان، ثم طنطاوى وعنان، وأخذتهم العزة بالإثم، ولم يعلنوا توبتهم فى أرض رابعة.
الإخوان فى ميدان النهضة، قدر يذكر الناس بكذبة الإخوان الكبرى «مشروع النهضة»، وكأن من اختار الميدان يهدف إلى إضحاك الناس، كلما قال الإخوان نحن معتصمون فى النهضة حتى تعود السلطة المغتصبة بدون وجه حق، فيتذكر المواطن مشروع النهضة، أكبر كذبة يستحق عليها الإخوان الطرد من السلطة، وأروقتها، فيطمئن ضميره وينطلق فى الضحك.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة