هل يشكل مبارك عقدة للسياسة فى مصر؟. وهل يظل الفلول شبحا يطارد السياسيين والأحزاب؟. لانرى تصورات عن المستقبل بقدر ما نرى خوفا من عودة فلول نظام مبارك، ومن غير تحديد واضح للفلول والفلولية. تكتفى التيارات السياسية والأحزاب بالإعراب عن القلق من الفلول، من دون أن تبذل جهداً لطرح بديل، أو تقديم تصورات تخوض بها المستقبل. أو لمواجهة هؤلاء بتحركات وليس بكلام.
قلنا مرات إنه كان من الطبيعى بعد مبارك والحزب الوطنى، أن تظهر حركات سياسية تمتلك القدرة على طرح بديل، وتقديم مبادرات سياسية تعيد تشكيل التنظيم السياسى، بما يسمح بمشاركة الأغلبية، لكن ما جرى هو مزيد من الانكماش للحركات النشيطة، وفقدت الحركات التى كانت تعارض مبارك ونظامه وتسعى لتغييره فقدت بريقها وحتى الفيس بوك والإنترنت استمرا مجالاً للنميمة، والشتائم، واختفت القدرة على الحوار.
وبدت كل جماعة ومجموعة تبحث عن عدو. أو خصم تعارضه بدلاً من مبارك، حتى لو كان هذا الخصم يقف فى المنطقة نفسها.
لقد كان الإخوان يروجون دائما أن فلول الحزب الوطنى تعمل ضدهم، وقلنا يومها بأن الحزب بقواته وأجهزته لم ينجح فى حماية مبارك ونظامه، فكيف تكون الفلول أقوى من الأصول؟، أو بمعنى آخر «كان الفل نفع نفسه ونظامه ورئيسه»، ونفس الأمر يبدو أنه لايزال يمثل عقدة نفسية وسياسية لدى قطاع من السياسيين والأحزاب بل والشباب الناشطين، ممن عجزوا عن تقديم البديل واكتفوا بالبحث عن شماعة يعلقون عليها فشلهم. وكأنهم كانوا يستمدون قوتهم من نظام يعارضونه، فلما سقط سقطوا معه، أو كأن هؤلاء كانوا يطالبون بسقوط شخص، وليس بتغيير نظام وطريقة تفكير.
الحركات السياسية والشبابية، ترى الأحزاب المعارضة ضعيفة وعاجزة، لكنها لم تشكل أحزابها وتنظيماتها، ولم تفكر فى النزول للشارع، واختبار قوتها وفرض وجهات نظرها، وبدت هى الأخرى عاجزة، أو توزعت إلى ائتلافات وتنظيمات كثيرة وواهنة، يمثل حاصل جمعها صفراً.
التيارات التى تقول إنها «عملت الثورة» لم تقدم أى تصورات، وكل من ظهر حتى الآن هم نجوم الكلام، فى الفضائيات، أو نجوم الشتائم والصراخ والانتقادات المجانية على فيس بوك وتويتر، ومازالوا يعيشون عقدة مبارك لا تعرف منهم اليمين واليسار. يبحثون دائما عن عدو وخصم، ويعانون عقدة مبارك والفلول. بينما يتصرفون مثلهم، يحتكرون الرأى، ويتسلطون على بعضهم وغيرهم.