أعتقد أن مفهوم دعم رئيس مصر لعام 2014 لابد أن يكون تغير فى أذهان الكثيرين، وفى ذهن الرئيس نفسه.
فبعد ثورتين نتج عنهما محاكمة رئيسين ومعهما الكثيرون من رجالهما وحاشيتهما، لابد أن نتوقف ونعيد صياغة مفهوم «دعم الرئيس» ونعيد أسلوب طرحه للرأى العام ونعمل على أن يعى الجمهور والسلطة معا ماهية «دعم رئيس مصر» لعام 2014.
وقد سبق أن أبطلت صوتى مسبقا بين شفيق والرئيس المعزول، ولكن عندما أصبح رئيسا وجهنا له النصائح والدعم فى بداية ولايته، وذهبنا للقائه، وعندما ضرب بكلامنا عرض الحائط كنا نمتلك وقتها الوجاهة والمنطقية بعد كل ما دار بيننا وبينه فى أن نقف ضده بعد الإعلان الدستورى الديكتاتورى، وكانت موقعتا الاتحادية والمقطم مسمارين فى نعشه شاركنا فيهما بكل قوة حتى أتت تمرد لتمهد لدفن ولاية هذا الرئيس. وعندما أتى الرئيس عدلى منصور رئيسا مؤقتا تطبيقا لخارطة الطريق ذهبنا أيضا للقائه أكثر من مرة ودارت مناقشات عديدة نتج عنها إيجابيات وهناك سلبيات لم تتأثر بهذه المناقشات، وبكل أسف استمرت، ولكن المحصلة أنها كانت مرحلة انتقالية انتهت بخسائر قد تكون أقل من المتوقع فى هذه السنة العصيبة، وتم تسليم السلطة كما نصت خريطة الطريق إلى رئيس منتخب.
أما الآن وقد انتهت مرحلة الانتخابات والحملات الانتخابية بحلوها ومرها بسلبياتها وإيجابيتها، صوت من صوت للرئيس، وصوت من صوت للمنافس، وأبطل من أبطل، وقاطع من قاطع، ولكن الآن أصبح لدينا رئيس جمهورية منتخب. فى اعتقادى لابد من دعمه والوقوف خلفه وبجواره، فنجاحه هو نجاح مصر، وفى هذه المرحلة التى نمر بها، وفى إطار التهديدات الخارجية وأوضاع البلاد المجاورة التى على الحدود المصرية يلزمنا أن نرى ونوقن أن نجاح الرئيس ليس اختيارا ولكن إجبارا، وفشله معناه اللادولة وأن تدخل بلادنا فى دوائر مغلقة مظلمة ستجر البلاد إلى المجهول.
«دعم رئيس مصر 2014» لابد أن يحمل ثلاثة محاور أولا، وهو المحور التقليدى، ويكون تقليديا عندما يصدر عن فريق عمله وحكومته وغير تقليدى عندما يصدر من معارضته، ويقوم هذا المحور على دعم الخطوات والقرارات الصائبة للرئيس وتوضيح لماذا هذه القرارات؟ بالأسباب المنطقية والدعم الإحصائى إذا وجد ولزم ذلك، فالشفافية والمصداقية هى الطريق الصحيح لإقناع الرأى العام بأى قرارات تأخذ من قبل السلطة. وهو محور كان من الصعب مسبقا أن تتخذه المعارضة وذلك لانعدام التواصل بينها وبين الرئيس والحكومة، وذلك ينتج عنه عدم توافر المعلومات الكافية التى تجعلهم يستطيعون أن يدعموا قرارات الرئيس وهذا ما نتمنى ألا يتكرر ويكون المناخ القادم مناخا محترما بناء بين السلطة والمعارضة، ويكون هناك معارضة محترمة وقورة لا تسلك أساليب ساذجة قديمة تحقر من الآخر، وسلطة تحرص على دوام التواصل مع معارضيه وتأخذ فى الاعتبار آراءهم.
المحور الثانى وهو غير تقليدى ولم نعهده من قبل، وخاصة فى كل من هو مقرب من الرئيس، سواء كان فريق عمله أو حكومته، والحمد لله أن الرئيس لن يتخذ له ظهيرا سياسيا كما وعد لتقليل جرعة التطبيل. وهذا المحور يتمثل فى نقد بناء ومعارضة هادفة لقرارات الرئيس، سواء قبل إصدارها ممن سيعلمونها قبيل إصدارها بحكم منصبهم أو من المعارضة والرأى العام والإعلام التقليدى والحديث. معارضة القرارات الخاطئة وإبراز الأسباب بالحجة والبرهان، والأهم من ذلك هو طرح بديل قابل للتنفيذ والتطبيق على أرض الواقع لإحراج السلطة وإلزمها بإلغاء أو تعديل قرارها. واستخدام أساليب الضغط السلمى سواء عن طريق الإعلام الحديث وأدواته الساخرة أو الضغط عن طريق الإعلام التقليدى إذا أصبح لدينا إعلام تقليدى هادف فى المستقبل القريب. فكم أتمنى ذلك!! وهذا لكى يحدث لابد من مناخ حر مسؤول لا يقبض على صاحب رأى ولا يهدد فى رزقه ولا يعذب لأنه يمتلك مستندا ضد هذا أو ذاك، مناخ يعترف فيه بالمعارضة وتكون دوما طرفا فى النقاش والوصول إلى توافق وترك مساحات لها وعدم السيطرة والاستحواذ كما حدث فى عهد مبارك ومرسى. فأعتقد أنه ليس من المنطق والذكاء من شىء أن نغلق كل أبواب الحوار والاستماع للمعارضة ووضع آرائهم فى الاعتبار ونتركهم مرة أخرى للشارع ثم تعلو أصوات السلطة أنها تسعى إلى الاستقرار! فأى استقرار إذن؟!
المحور الثالث وهو النقل الصادق لنبض الشارع المصرى البسطاء المعارضة الطبقة المتوسطة مشاكلهم همومهم أحلامهم آرائهم الساخطة على السلطة أحيانا أن يقوم بهذه المهمة وبكل صدق المقربون والحكومة والمعارضة والرئيس بنفسه إذا أمكن فلابد ألا يجعل ستارا بينه وبين شعبه كما فعل السابقون وألا يعتمد على من ينقل له كما عهدنا مسبقا «كله تمام يا فندم»! يفتح الرئيس بنفسه قنوات اتصال مباشرة من وقت لآخر حتى يتأكد ممن يدعمه بصدق وينقل له بأمانة وممن ينافقونه. أرجو أن نعى جميعا ونعلن ذلك بالفعل لا بالقول عن انتهاء مرحلة الدعم الأعمى لرئيس مصر وألا يسمح بذلك الرئيس نفسه وفريق عمله وأن نعلن مرحلة الدعم الواعى البناء نقول للصح صح ونقول للخطأ خطأ ولا نخشى فى الله لومة لائم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة