مؤكد سيرانى البعض متزيدا وفى أحسن الأحوال متكلفا. ولكن هل هناك ما يمنع أن يحذر شخص ما من خطر يراه هو بينما يراه الآخرون وهما؟ وهل يكون الباعث إلى ذلك إلا الحرص على ما يريد له البقاء نقيا ناصعا عظيما؟
سيكون أبسط الردود «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون». ومن هنا أبدأ، فالذين يتصدرون المشهد منذ أربعين سنة لا يتركون الأمر إلى الله. ولا يجدون من يحاربونه إلا المسلمين. لا تحدثنى عن أنواعهم والمعتدل فيهم والمتطرف، فالذى يتصدر المشهد هم المتطرفون. وإذا وجدت معتدلا أمامك، فهو حين يجد نصيرا أو حتى زميلا يعلو صوته ويتطرف. لقد عانينا أربعين سنة بشكل متواصل منذ تحالف السادات مع هذه الاتجاهات التى تسمى نفسها إسلامية وسط مسلمين. ورغم أن هدفه لم يكن هدفهم لكنهم استمروا حتى بعد أن قتلوه فى تكفير الناس لأهون سبب. وظهرت فى الحياة طائفة من الناس استباحت غيرها بدءا من البيع والشراء والغش فيهما إلى التكفير وشغل وقت المحاكم بقضايا وهمية مثل ازدراء الأديان إلى القتل. لكن كل ما جرى فى بلادنا كوم، وما يجرى فى البلاد العربية والإسلامية كوم تانى. لن أعيد أخبار ما جرى فى الصومال ولا فى أفغانستان ولا ما يجرى الآن فى دول أفريقية مثل نيجيريا وجماعة بوكو حرام التى تختطف النساء لبيعهن فى أسواق الرقيق الواحدة بدولارين! وما يجرى فى سوريا ونراه عبر الشاشات ونرى الأفدح منه عبر الإنترنت مما تتحرج الشاشات فى عرضه، من ذبح وقتل وأكل قلوب وأكباد الخصوم باعتبارهم كفارا وفرحة الفاعلين بذلك دون أى تفكير فى كونهم هكذا خرجوا من دائرة البشر إلى دائرة الوحوش الضارية الجاهلة طبعا بما تفعل. كل ما يحدث فى سوريا الآن موثق ومصور وسيظل إلى الأبد، ولن يكون مجرد أخبار فى الكتب كما جرى مع مذابح العصور القديمة والوسطى أقامها مسلمون أو غير مسلمين. وكل ذلك بضغطة واحدة على اللاب توب أو الموبايل أو التابلت تراه أمامك وفى أى وقت. ستغضب من أجل الضحايا وإذا لم تغضب من أجلهم فلابد أنك ستشمئز مما تراه من صور استباح فيها هؤلا القتلة الرجال والنساء والأطفال على طريقة واحدة هى الذبح والصلب. لقد بدأت الثورة فى سوريا على نظام البعث ضمن سلسلة من ثورات الربيع العربى، كل منها أدت إلى الأخرى لكنها تحولت فى سوريا لتكون بين الكفر والإسلام. النظام ومن معه هم الكفار لكن من يسمون أنفسهم بالمسلمين لم يميزوا حتى بين قوات النظام الرسمية وبين الشعب، فارتكبوا من الفظائع أكثر بكثير جدا مما ارتكبه النظام، بل الأهم أن النظام الذى وجد دولا تسانده مثل روسيا وجد شعبا فى النهاية قد ضاق به الطريق وأعطى صوته من قامت الثورة عليه ليكون رئيسا له لا ينزل عن الحكم أبدا ولابد فى حالة انتصاره أن تشهد البلاد موجة من المذابح ضد من فعلوا مثلها باسم الإسلام.! فى كل الأحوال يرى الناس الآن الإسلام مذابح وقتلا وصلبا وشتى صنوف التعذيب الخارجة عن الشرائع للأسرى والطلقاء. فى العراق يحدث الأمر نفسه. الثلاثاء الماضى استطاع تنظيم داعش احتلال الموصل، وأتت أخبار أنه يتحرك جنوبا إلى كركوك. سواء تحرك أم لا فقد استولى على مدينة إبراهيم ويونس عليهما السلام ولابد ستشهد الموصل – نينوى - هجمة لتحطيم الآثار الأشورية. وربما المساجد أيضا وعلى رأسها مسجد النبى يونس، فهذا النوع من المساجد عند تنظيم مثل داعش والقاعدة كفر لأن به ضريح يزوره الناس. من زمان تمر علينا أخبار التفحيرات فى العراق باعتبارها شيئا تعودنا عليه لكن الآن هناك سلطة للتكفيريين وسيقيمون المذابح على مهل. وكل ذلك سيتم تصويره أيضا وسيجد طريقه إلى الإنترنت ومواقعها دروسا عما يفعله المسلمون. داعش هذه التى أعلنت أمريكا استعدادها لمناصرة النظام العراقى ضدها طبقا للاتفاقيات بينهما بعد احتلال العراق هى نفسها داعش التى تؤيدها أمريكا فى سوريا!! فى العراق للمعركة وجه أكثر وضوحا هو الصراع بين الشيعة الحاكمة والسنة التى لم تعد فى الحكم. وفى سوريا للأمر أيضا الآن وجه الصراع بين السنة والشيعة فحزب الله الشيعى مع النظام العلوى. والأمر يزحف بسرعة إلى حرب بين السنة والشيعة فى منطقة الشرق العربى كله. أى أنه بعد صور المذابح التى لا تنمحى سيقوم المسلمون أنفسهم بالقضاء على أنفسهم فى حرب إذا أعلنت لا يعلم أحد إلى أين ومتى تنتهى وستكون فيها مصر طبعا مع الدول السنية. خاصة إذا دخلت إيران المعركة بشكل واضح. مسلمون إذن يقدمون أسوأ الصور وأبشعها للمسلمين وللإسلام فى الوقت الذى يستعدون فيه لمعركة لا معنى لها فى التاريخ المعاصر إلا الضياع فلا الصحابة استيقظوا وأعلنوا لعنتهم للشيعة ولا على بن أبى طالب استيقظ وأعلن لعنته للسنة. لكنه تاريخ يعود بنا إليه المتطرفون على كل جانب. لكن للأسف ليسوا وحدهم من يفعلون ذلك. فالذين يتحدثون عن الشرق الأوسط الجديد كسياسة أمريكية فى المنطقة يتم فيه تقسيم العالم العربى إلى دويلات صغيرة أكبرها الدولة العدو إسرائيل يمكن أن أصدقهم. لكن ما يغفله الجميع هو أن هناك ما هو أبعد من ذلك وهو تشويه الإسلام كدين تشويها نهائيا يختفى فيه من الحضارة بعد أن شاهت صورته بيد أبنائه إلى هذا الحد الفظيع الذى بضغطة واحدة على اللاب توب كما قلت تراه. ومن ثم يتم الخروج كبيرا من الإسلام ومن المسلمين أنفسهم نجاة بأنفسهم بعد أن طلّ عليهم إسلام لا يعرف إلا الذبح وأكل القلوب والأكباد. وهكذا بعد أن دخلوا فى دين الله أفواجا يخرجون منه أفواجا. أجل. الأمر يتجاوز السياسة والأطماع إلى صراع الحضارات، وليس غير المسلمين الآن يقدمون مبررا لاختفاء الإسلام من الحضارة. هل سيفهم أحد ما أقول وهل سيقتنع أحد بمخاوفى؟ لا أظن. ليكن. على الأقل نحن فى مصر يجب أن نفهم ذلك ونحترس رغم أن البدايات تظهر عندنا فى موجة الإلحاد التى تتسع. وفى بلادنا تاريخ يعين على البقاء. فما بالك ببلاد لم يكن لديها ما عندنا ولم يكف فيها الصراع الدينى عبر تاريخها وتتحول إلى فوضى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة