الوهم الأول: لا يمكن إصلاح أو تطوير قنوات اتحاد الإذاعة والتليفزيون كى تلحق أو تتفوق على القنوات الخاصة والتى تتميز بالكفاءة وسهولة الحركة ووفرة التمويل، وأصبحت متقدمة عن القنوات الحكومية فى التأثير على الجمهور، ومن المستحيل لتليفزيون الدولة اللحاق بها، مثل هذه المقولات هى مجرد أوهام أو دعاية يطلقها رجال الأعمال لتبرير هيمنتهم على فضاء الإعلام والإعلان، فاتحاد الإذاعة والتليفزيون - رغم كل مشاكله - لديه إمكانيات مادية هائلة وكوادر بشرية مدربة لا مثيل لها فى المنطقة العربية، لكنها فى حاجة ماسة وسريعة إلى إدارة فعالة قادرة على استغلال هذه الإمكانيات، وتكفى الإشارة هنا إلى البث الحى الذى قدمه تليفزيون الدولة لمراسم تنصيب الرئيس، والذى جاء متميزا وجاذبا وعلى أعلى مستويات الأداء المهنى فى التصوير والإضاءة والتعليق، ولا بد أيضا من الإشارة إلى أن سوء إدارة اتحاد الإذاعة والتليفزيون، هو ما دفع كثيرا من كفاءات التليفزيون الحكومى للعمل فى القنوات الخاصة والتليفزيونات الأجنبية، أى أن أبناء التليفزيون الحكومى ينافسون التليفزيون الذى علمهم ودربهم، إذن كل المطلوب هو إعادة هيكلة اتحاد الإذاعة والتليفزيون وإحداث ثورة إدارية فى كل مستوياته، مع كفالة الحرية والتنوع داخله وعدم التبعية للدولة، بحيث يتحول إلى إعلام للشعب وليس للسلطة أو الحكومة، إعلام للخدمة العامة، باختصار إذا نجحنا فى إعادة الهيكلة من خلال ما نص عليه الدستور، فإن تفوق القنوات الخاصة سينتهى فى غضون أشهر معدودة.
الوهم الثانى: ابتعد إعلامنا عن المهنية ومواثيق الشرف الإعلامى كرد فعل لانحراف قناة الجزيرة وأخواتها، أى أن إعلامنا رد فعل أو ضحية لتحيز ولا مهنية القنوات الإقليمية المعادية لمصر ولخارطة الطريق، لكن هذا وهم كبير لا يصمد أمام أى نقاش عقلانى، فلا يوجد أى مبرر إعلامى أو أخلاقى أو سياسى لتبرير تحيز إعلامنا وابتعاده عن المهنية، سواء فى تغطية الأخبار المحلية أو فى الرد على أكاذيب الجزيرة وأخواتها، ومهنية الإعلام وحق المواطنين فى معرفة الحقائق والرأى والرأى الآخر مسؤولية اجتماعية وواجب مهنى وحق أصيل يكفله الدستور المصرى والمواثيق الدولية.
الوهم الثالث: أن الصحف والقنوات الخاصة تحقق أرباحا تمكنها من مواصلة عملها والتوسع فى إطلاق قنوات وخدمات جديدة، خاصة أن هذه التوسعات تتواكب مع زيادة مستمرة فى الإعلانات حتى إن القنوات الخاصة تسيطر على الإعلانات التى هربت معظمها من تليفزيون الدولة، ولا شك أن القنوات الخاصة تهيمن على الإعلانات، لكن تبقى الحقيقة وهى أن معظم القنوات والصحف الخاصة تحقق خسائر، فالعائد من كل الإعلانات أقل بكثير من الإنفاق فى القنوات الخاصة، وبعض الصحف والقنوات فى طريقها للتوقف بسبب توقف الأشخاص أو الجهات التى كانت تمولها، وهذه الحقيقة يعرفها كل خبراء الإعلام والعاملين فى الصحف والقنوات الخاصة لذلك أرجو إخضاع ميزانيات الإعلام الخاص للتدقيق والرقابة المجتمعية من خلال المجلس الوطنى للإعلام الذى أطالب الرئيس السيسى بسرعة إصدار قانون بتشكيله وتحديد صلاحياته وتمويله وطريقة عمله.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة