فى أوروبا والدول المتقدمة- كما ورد فى فيلم «الإرهاب والكباب» للفنان عادل إمام - الشوارع مجهزة تماما للسير بالدراجات الهوائية فى حارات مخصصة لمستخدمى هذه الدراجات فى طريق الذهاب إلى أعمالهم والعودة إلى المنزل أو للتريض، والقانون صارم فى هذه المسألة ضد المخالفين والمعتدين على حق هؤلاء فى استخدام الدراجة كوسيلة نقل أساسية فى هذه الدول، من الصغار والكبار فى الدولة.
وهناك أسباب عديدة لاستخدام الدراجات فى هذه الدول، فبالإضافة طبعا أنها ثقافة سائدة فى هذه المجتمعات، وأنها وسيلة سهلة ورخيصة وموفرة، فإنها أيضا تساهم وبشكل عملى فى الحفاظ على البيئة من التلوث والقضاء على زحام المواصلات، والوقوف لساعات طويلة فى طوابير لا تنتهى تؤدى إلى خسائر جمة للاقتصاد القومى، والإصابة بأمراض الزحام من ضغط وسكر واعوجاج فى العمود الفقرى والاكتئاب والزهق النفسى.
عامل مهم آخر هو ارتفاع أسعار البنزين فى دول أوروبا، ففى الدنمارك على سبيل المثال يصل سعر البنزين إلى مايساوى 28 جنيها مصريا للتر الواحد. المهم أن ثقافة الدراجات فى معظم دول أوروبا وفرت مليارات الدولارات وحافظت على البيئة نظيفة نقية. فى مصر نحن فى حاجة ملحة لتسييد هذه الثقافة ولو بنسبة بسيطة فى البداية، وكتجربة فى بعض المناطق وداخل عدد من المدن الساحلية والمدن الجديدة والمناطق السياحية، وعدة مناطق داخل القاهرة فى البداية بعد تأهيل الطرق والشوارع.
المسألة ليست رفاهية أو رياضة حتى لا تتحول إلى مادة للسخرية والتندر من «نشطاء آخر الزمن»، والرئيس السيسى عندما أطلق الدعوة فى ماراثوان الجمعة الماضى يدرك حجم الأزمة التى تعانى منها مصر والخسائر المهولة التى يتكبدها الاقتصاد المصرى بسبب الزحام وتحديدا فى القاهرة وفى المدن الكبرى. فحسب الإحصاءات الدولية التى أصدرها البنك الدولى مؤخرا، فإن حجم الخسائر التى يتحملها الاقتصاد المصرى بسبب الزحام المرورى فى القاهرة وحدها يقدر سنويا بحوالى 47 مليار جنيه، وفى حالة عدم وجود حلول مبتكرة للأزمة فمن المتوقع أن يرتفع حجم الهدر والخسائر إلى نصف تريليون - أى 500 مليار جنيه بحلول عام 2030.
هل عرفنا حجم المأساة التى نعيشها بسبب الزحام؟
ليس معنى ذلك أن نتجه جميعا لشراء الدراجات وركوب العجل، ولكن هى جزء مهم من حل شامل لمنظومة المواصلات فى مصر، والقاهرة تحديدا، على الحكومة العمل من أجله على الفور.