فى الوقت الذى تغرق فيه كل الأحزاب المدنية، كبيرها وصغيرها، والقوى والنخب السياسية المساندة لها، حتى إذنيها، فى تفاصيل عقد تحالفات، وكيانات سياسية لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة، فإن حزب النور يتحرك على الأرض فى جميع قرى ونجوع ومدن محافظات مصر المختلفة، مثل «تحرك» السكينة فى «التورتة».
هذا الاستغراق فى التفاصيل المخيفة، والاجتماعات العديدة، فى الفنادق الشهيرة، خطيئة كبرى، خاصة أن الأحزاب المدنية تكرر نفس الخطيئة، مع كل استحقاق انتخابى، وهى الاجتماعات المتتالية، للتنسيق، والتحالف، ينبثق عنها اجتماعات ثم تفاصيل ثم اجتماعات أخرى، ونعيد الكرة، والدخول فى دوامات ومتاهات، ولا يتوصلوا إلى شىء، والنتيجة فشل كبير.
استغراق رؤساء الأحزاب والقوى المدنية، فى التفاصيل، وجلوسهم فى القاعات الفخمة بالفنادق الشهيرة، على ضفاف نيل القاهرة، لإدارة حوارات ونقاشات، إنما يشبه إلى حد التطابق حوار «الطرشان»، فلا هم قانعون بأنهم لا يسمعون بعضهم البعض ، ولا أيضاً الجماهير تسمعهم أو تتفاعل معهم.
حزب النور، والحرية والعدالة يُسابقان الزمن، ويبذلان جهداً خارقاً، بين المواطنين، لاختيار مرشحيهم، وينتشرون بين الناس دون ضجيج، رافضين الجلوس فى الغرف المكيفة، وإهدار الوقت فى نقاشات وجدال لا فائدة منها، وإنما يؤمنون بالانتشار بين الناس، لأن مصير الصناديق يحددها الجماهير، وليست الاجتماعات المغلقة.
الأحزاب المدنية لم تتعلم من دروس الماضى، والإخفاقات المتتالية والمدوية، فى كل الاستحقاقات الانتخابية، سواء قبل ثورة 25 يناير أو بعدها، بل إن الثورة كشفت كل ادعاءات ومبررات الأحزاب المدنية، عن أن نظام مبارك كان يقف عائقا دون انطلاق هذه الأحزاب فى الشارع السياسى المصرى، فبعد إزاحة نظام مبارك نهائيا، وطوال ثلاث سنوات ونصف، تراجع دور هذه الأحزاب، وزاد هشاشتها وضعفها، وظهرت على حقيقتها، ولم تنجح فى الحشد فى أى استحقاق انتخابى.
الحقيقة أن الأحزاب والقوى المدنية بعيدون كل البعد عن الشارع، ويفتقدون الجماهير، متفرغين فقط للصراعات الحزبية الضيقة، وظهر ذلك جليا فى الإخفاقات العديدة للكيانات والتحالفات خلال هذه الأيام.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة