سعيد الشحات

فتحية العسال حرّضت بنات قريتى

الثلاثاء، 17 يونيو 2014 07:39 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بين سيرتها كمناضلة بدأت بتصميمها على أن تعلم نفسها بعد أن فاتها قطار التعليم، وبين قدرتها العظيمة فى الكتابة الإبداعية التى تجلت فى 57 مسلسلا قامت بتأليفها ولاقت نجاحا، عاشت الراحلة العظيمة فتحية العسال التى جمعها بقريتى موقف رائع يستحق الذكر، بعد أن رحلت عن دنيانا أمس الأول الأحد. كنا مجموعة من الشباب فى قريتى كوم الآطرون مركز طوخ محافظة القليوبية، تعاهدوا على السير فى طريق التنوير داخل قرية كانت تشتاق إليه، وفى عام 1991 قررنا عمل سوق خيرى فى نهاية شهر أغسطس، يذهب ريعه إلى الفقراء والتلاميذ غير القادرين على تسديد المصروفات المدرسية، وكانت فترة السوق أسبوعا كاملا، وقررنا أن لا يقتصر على البيع والشراء فقط، وإنما نختتمه كل مساء بنشاط ثقافى وفنى باستضافة أحد النجوم، وبدعوة عامة لكل مواهب القرية خاصة من الأطفال، فى الرسم والغناء والشعر والقصة، ودعونا الفنانة الكبيرة فردوس عبدالحميد لافتتاح السوق، وكان يوما مشهودا تجمع فيه الآلاف أمامها وبعد أن قدمها عمدة قريتنا الفصيح الراحل الحاج عزت عبدالحفيظ، استمعوا إليها وهى تغنى: «بنغنى لمين ولمين يا حمام» وغيرها من الأغنيات التى قدمتها فى مسلسلها «ليلة القبض على فاطمة».

استضفنا الشاعر الرائع جمال بخيت فى أمسية جميلة، وفى أمسية ثانية استضفنا الفنان وجيه عزيز، وثالثة كانت مع الفنان أحمد إسماعيل، وعلى عودهما كان الكل يستمع ويغنى معهما، وفى ليلة أخرى جاءت الكاتبة أمينة شفيق، وسهام نجم، وفتحية العسال التى طلبت أن نجمع لها فتيات القرية اللاتى لم يلتحقن بالتعليم، مؤكدة أن ما يهمها فى هذا اليوم هو أن تلتقى بهؤلاء خصيصا.

وفى بيت الصديق «أحمد مراد» الصحفى بـ«الكويت» حاليا تم اللقاء الذى أرادته «فتحية العسال»، استمعت إلى ظروف الفتيات وأسباب تسربهن من التعليم، وفوجئت بمستوى عال منهن فى الفهم والطرح، وسردت قصتها لهن، وركزت تحديدا على أنها تنتمى إلى عائلة متوسطة حالها مثل حال معظم الفتيات المتواجدات فى اللقاء، وأن أهلها حرموها من التعليم فى المرحلة الابتدائية لكنها فى نفس الوقت لم تغلق نفسها على الاهتمام بما يدور خارج محيط عائلتها، حيث كان هناك الاستعمار الانجليزى لمصر فهى من مواليد «1933»، وحكت أنها وقتئذ كان شقيقها يضعها تحت رقابة شديدة، وقص خصلة من شعرها لأنه شاهدها وهى تطل من النافذة، قالت لـ«البنات»: «دى حكاية أكيد كل بنت منكم عاشتها، أنا مبحكيش حاجة غريبة يا بنات».

كان البنات يستمعن إلى السرد الرائع لقصة «الأستاذة» فى الحياة، حتى وصلت إلى قولها بأنها لم تستسلم إلى الظروف، فصممت على تعليم نفسها وهى التى لم تكن تعرف القراءة ولا الكتابة، قالت: «كنت أحكى لنفسى قصص من خيالى عايزة أكتبها، لكن مش عارفة، فقلت لازم أتعلم الكتابة والقراءة عشان أكتب القصص دى، واتعلمت وزى ما انتم شايفين بقيت إيه، مين فيكم عايز يبقى كده».

كان تفاعل البنات عظيما ورائعا فى اللقاء الذى استمر نحو ثلاث ساعات، وبسببه التحقت الفتيات بفصول محو الأمية فى القرية، وواصل بعضهن التعليم المنزلى والفضل لـ«فتحية العسال» رحمها الله.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة