أنا عكس الذين يرون فى تشكيل الحكومة الجديدة، واختيارات أعضائها، بأنها تمت بنفس الطريقة النمطية والكلاسيكية القديمة، ولم يكن هناك إبداع خارج الصندوق فى طريقة الاختيار.
والحقيقة أن مصر تمر بحالة من الفوضى فى كل المجالات، وتحتاج إلى إعادة ترتيب دولاب العمل، والانضباط، واستئصال «الترهل» الذى دب فى جسد كل مؤسسات الدولة منذ ثورة 25 يناير 2011 حتى الآن، ومن ثم فإن مصر تحتاج هذه الأيام إلى شخصيات تتمتع بكفاءات إدارية، وكل وزير يحمل حقيبة وزارية، يعلم جميع التفاصيل، فيسارع بوضع الروشتة، وإقرار العلاج.
الأوضاع الحالية لا تحتمل رفاهية التجربة، وسط هذا الانهيار، ويمكن لنا أن ننتقد هذا التشكيل إذا كانت مصر تمر بظروف طبيعية، من استقرار أمنى واقتصادى، ووضوح للرؤية، لكن فى ظل هذه المشاكل والصعوبات الخطيرة، كان لزامًا الاعتماد على مبدأ الكفاءة والخبرة العملية، ومعرفة كل وزير بخبايا وزارته.
الحقيقة أيضًا أنه لابد لنا أن نعترف بأن هناك مشكلتين خطيرتين تواجه أى شخص مكلف بتشكيل الحكومة فى المرحلة الراهنة..
المشكلة الأولى: غياب وندرة الكفاءات التى تفكر خارج الصندوق، وتؤمن بالإبداع فى العمل الإدارى، ومواجهة المشاكل المستعصية، والابتعاد عن الأفكار المعلبة التى أدت إلى استفحال المشاكل فى مصر طوال العقود الماضية، لذلك فإن الرئيس عبدالفتاح السيسى، والمهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، وجدا صعوبة بالغة فى البحث، والعثور على مثل هذه الكفاءات.
المشكلة الثانية، أنه حتى فى حالة العثور على كفاءة فى مجاله، وسمعة جيدة، وعند عرض المسؤولية عليهم لحمل حقيبة وزارية، أو إسناد منصب مهم، فإنه يبادر بالاعتذار، نظرًا لتلبد الغيوم فى سماء العمل العام، وأن السكاكين تسن لنهش جسد المسؤول، ووصمه بكل الموبقات.
الحقيقة أن نظام مبارك الذى استمر أكثر من 30 عامًا أدى إلى تجريف فى العقول، وإهمال الكفاءات، وقتل الهمم والطموح، وكانت نتيجتها ما نعيشه هذه الأيام من غياب كامل للكفاءات الإدارية والعلمية النادرة، ومن ثم صعوبة بالغة فى العثور عليها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة