أحزاب وانتخابات وبينهما شعب!

فى مولد الاستعداد للانتخابات البرلمانية تزداد نغمة الحديث عن تحالفات بين أحزاب قائمة، أو الإعلان عن تأسيس أحزاب جديدة، وتعلو النغمة كلما اقترب موعد إجراء الانتخابات، وها نحن نقترب خطوات من هذا الإجراء، لذا تصدح سماء القاهرة بمعزوفات متنوعة عن التحالفات والتربيطات والخلافات بين الأحزاب والتكتلات السياسية المختلفة، لكن يبدو لى أحيانًا أن كثيرًا منا لا يعى جيدًا معنى كلمة حزب فى المجال السياسى، كذلك يصح دومًا العودة إلى البديهيات كلما اختلطت الأمور وتداخلت.

يقول علماء السياسة والاجتماع إن الحزب – باختصار - هو أرقى تنظيم سياسى وصل إليه الإنسان حتى يتمكن من الدفاع والتعبير عن مصالح الشريحة، أو الطبقة الاجتماعية التى يمثلها هذا الحزب، ثم يضيفون شريطة أن يتم هذا التعبير بشكل سلمى، لا يستخدم فيه العنف المسلح، علمًا بأن مصالح الطبقات الاجتماعية ليست واحدة أو متطابقة، بل متعارضة أغلب الوقت، وإلا ما كان الإنسان توصل إلى ابتكار فكرة الحزب السياسى للدفاع عن مصالحه.

إذا اتفقت معى على صحة هذا التعريف يصبح من الطبيعى أن تكون لدينا أحزاب تعبر عن مصالح الفلاحين الفقراء، لأنهم يمثلون طبقة اجتماعية عريضة أهدرت حقوقها كثيرًا، وكذلك سيسعى الفلاحون الأثرياء إلى تكوين حزب يدافع عن مصالحهم، وبالمثل ينبغى أن يكون للعمال حزب سياسى يدافع عن طموحاتهم وأحلامهم المهدرة، وعليه سيغدو لأصحاب الشركات ورجال الأعمال حزب يمثلهم، كذلك سيهتم الموظفون الصغار والشباب الحائر والمهمشون بتكوين أحزاب تعبر عن همومهم، وتسعى لانتشالهم من مستنقع الفقر والحاجة.

هذا باختصار معنى الحزب السياسى فى المجتمعات الأكثر تقدمًا ورقيًا، لكن إذا تأملت خريطة الأحزاب المصرية ستكتشف أنها كلها تقريبًا تدور فى فلك الدفاع عن مصالح الأثرياء فقط ضد الفقراء، بغض النظر عن اللافتة التى يضعها الحزب على مقره، أو الشعار الذى يرفعه، مدنيًا كان أو دينيًا، لأن الفقراء بتنويعاتهم المختلفة لم يتمكنوا حتى الآن من تشكيل حزب حقيقى يدافع عن مصالحهم التى تنهب كل لحظة.

انظر حولك.. وتساءل هل يوجد حزب يعبر عن مصالحك وأفكارك؟!