المشتاقون هم أكثر الفئات ظهورا وكلاما وتنظيرا، لكنهم الأقل فعلا وعملا، وخلال الفترة من الإعلان عن بدء تشكيل حكومة محلب الثانية، وحتى الانتهاء منها، ظلت التكهنات والاقتراحات والترشيحات قائمة، كما هى العادة.
واللافت أن كثيرين ممن كانوا يلومون على رئيس الحكومة اختيار فلان، أو ترك علان، وأنه لا يقدم سبب الاختيار والاستبعاد، هم أنفسهم ربما رشحوا أشخاصا لهذا المنصب أو ذاك، من دون أن يقدموا مبررا للاختيار. بل وبعضهم رشح نفسه، وروج لذلك، من دون أن يكون مرشحا أو مطروحا للنقاش. وآخرون رشحوا معارفهم وأصدقاءهم، بصرف النظر عن الصلاحية والكفاءة.
وهناك عدد لابأس به من المشتاقين الدائمين، رشح نفسه وسرب أخبارا عن ترشيحه. كما أن بعض المحللين والمحرمين، بذلوا جهودا كبيرة لترشيح معارفهم أو مساندة أسماء من دون أن يقدموا مبررات حقيقية. وهى ظاهرة معروفة من عقود، لدرجة أن هناك مرشحين للوزارات منذ الثمانينيات من القرن العشرين.
وكالعادة بجانب طائفة المشتاقين الدائمين، هناك طائفة الرافضين والغاضبين على طول الخط، وهؤلاء غالبا ليس لديهم ما يقدمونه سوى مهاجمة كل من يرد اسمه فى الترشيحات، ويحرصون على « تطليع القطط الفاطسة» فى المرشحين. وظهر ذلك بوضوح فى الترشيحات لوزارة الثقافة، فقد وردت أسماء من الشمال واليمين، والشرق والغرب، وكانت كل شلة تطرح اسما لمرشح، وتهاجم ترشيحات «الشلل الأخرى»، وبصرف النظر عن صحة أو عدم صحة الترشيحات، فقد تبدت ظاهرة محفوظة، وهى أن المثقفين عادة لايحبون بعضهم، ويصعب إرضاؤهم، أو الوصول بينهم إلى شبه اتفاق.
وغالبا تنخفض كثيرا درجات الموضوعية فى حكم المثقفين على بعضهم.
ودونا عن كل الوزارات، فإن الثقافة هى الأكثر إثارة للغط، والجدل. وهو مرض موجود بكثافة فى النخب السياسية، التى تعجز عن تنظيم نفسها، وتحول أى مشروع أو تحالف سياسى إلى ساحة صراع، وليس ساحة منافسة.
جاء الدكتور جابر عصفور وزيرا للثقافة، فانقسم المثقفون كالعادة، هناك من اعترض عليه بحكم السن، أو من رأى أنه كان وزيرا فى آخر حكومات مبارك، وهناك من يرى أن المناصب ليست بالسن، وأن عصفور مثقف كبير، ولديه خبرة. وهناك طرف يؤيد عصفور، لأنه جاء مكان شباب كانوا مرشحين للمنصب، لايريدهم البعض.
عنوان مكرر مع كل وزير ثقافة، هناك انقسام حول كل الترشيحات والأسماء الشبابية أو غير الشبابية. لدرجة أن بعض الشباب كان ضد اختيار الدكتور عصفور، ولما وجد أسماء أخرى أيد عصفور.
قصة مكررة للاشتياق، والاختلاف على سبيل «النفسنة».