كرة القدم هى لعبة الفقراء فى العالم، هم حراسها ورعاتها الأصليون، هم الذين شيدوا أساطيرها، ومع هذا يتم حرمانهم من متابعتها، لأن الرأسمالية العالمية ورجال الفيفا المرتشين مشغولون بالمكسب المادى، أوروبا الغنية انتزعت حق مشاهدة المباريات مجانا بحكم قضائى، وحرم الآخرون لكى تزدهر تجارة الشاشات وترتفع أسعار المشروبات فى المقاهى، رسوم مشاهدة اللعبة فوق طاقة عشاقها، فى الماضى كانت الفيفا تتعاقد مع كل بلد على حدة وكان من الصعب أن يحدث فساد لأن المبالغ معلومة وتذهب إلى حساب معلوم، ولكن منح الحق لشخص واحد أو لجهة واحدة يعنى أن المانحين قبضوا من تحت الترابيزة ما يكفى لحصار اللعبة وتعليبها، ووضعها فى استديو ضخم مسور بالإعلانات، الغريب أنه يوجد تطور مذهل فى نقل كأس العالم هذا العام، ولا أقصد التطور التكنولوجى فقط، الذى أصبح ملكا للجميع، مخرجو المباريات فنانون حقيقيون، إلى جانب القيام بعملهم الأصلى فى نقل الأحداث التى يشهدها المستطيل الأخضر، يلتقطون لحظات لا يقدر عليها إلا الشعراء، الحسرة على ضياع هدف، الأمل الذى يولد مع هجمة منظمة لفريق متأخر، الغضب، خيبة الأمل التى ترسم ملامح جماهير فريق ذهب لينافس مثل جمهورى إسبانيا وإنجلترا، الفرح الذى يذكرك بالانتصارات البدائية، أهداف الفرق التى لا يوجد لها تاريخ مع البطولة يتحول فرح الذى أحرزها إلى صرخات قادمة من أزمنة بعيدة، مخرجو مباريات البطولة هذا العام جعلوك تتجاوز ثرثرة المعلقين المزعجين الذين هزمتهم الصورة، فرق أمريكا الجنوبية الطالعة مثل المكسيك وشيلى وأوروجواى منحت المخرجين فرصة لكتابة واقعيتهم السحرية.