لقاء الطائرة بين الرئيس عبدالفتاح السيسى، وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كشف لماذا كان اللقاء عاجلًا وضروريًا بين القاهرة والرياض فى طريق عودة الملك من المغرب إلى السعودية، دون انتظار لتحديد موعد للزيارة.
البلدان الكبيران يدركان الآن أن مخطط التقسيم الأمريكى للمنطقة، والذى فشل فى السابق، تسعى الإدارة الأمريكية لإعادة إنتاجه من جديد، بداية من العراق تحت مظلة الطائفية، وبتوظيف تنظيمات إرهابية فى لعبة أمريكية مألوفة، فالموقف الأمريكى الغامض والمريب مما يحدث فى العراق ينبئ بنية واشنطن التى أعلن عنها يوم الجمعة الرئيس باراك أوباما لشبكة «سى إن إن» بأن الولايات المتحدة لن تستطيع الإبقاء على العراق كدولة موحدة دون رغبة من قادته، بما يعنى أن أمريكا ترى أن هناك قيادات للعراق فى عدة مناطق، أو ثلاث مناطق بالتحديد فى الشمال والوسط والجنوب، والصمت على استيلاء الأكراد على كركوك الغنية بالبترول يثير كثيرًا من الشكوك، والبدء فى مخطط التقسيم لدولة الشمال الكردية.
أوباما أعطى مبررًا لتنفيذ المخطط بالزعم بأن الولايات المتحدة ضحت من أجل فرصة إقامة نظام ديمقراطى مستقر فى العراق، لكن «هذه الفرصة ضاعت»، ولم يعد بالطبع هناك سوى تمزيق هذا البلد إلى ثلاث دويلات وفقًا لما يجرى على الأرض هناك من سيطرة ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام «داعش» على مناطق فى العراق.
من هنا جاء اللقاء العاجل بين الملك عبدالله والرئيس السيسى، والذى تزامن أيضا مع زيارة سيرجى لافروف، وزير الخارجية الروسى، للرياض أمس.. اللقاء يعكس القلق البالغ من تطورات الأوضاع فى العراق، كما يعكس مسؤولية محور القاهرة والرياض الآن عن حماية النظام الإقليمى العربى من الانهيار، وتحول المنطقة إلى ساحة حروب مذهبية وطائفية، وأطماع الدول الكبيرة ودول إقليمية فيها.
أهمية لقاء الطائرة بين الزعيمين العربيين أنه يحيى الآمال البسيطة فى إمكانية نهوض محور القاهرة – الرياض لإعادة ترميم ما تبقى من شروخ عميقة فى النظام العربى، خاصة فى دول رئيسية مثل العراق وسوريا، وما يحدث الآن فى ليبيا واليمن.
اللقاء أيضًا يؤكد أن العلاقات بين البلدين الكبيرين تعيش أزهى فتراتها، وتدخل مرحلة جديدة من التعاون الواسع فى جميع المجالات والشراكة الكاملة بينهما.