النشاط الذى تقوم به أجهزة الأمن والمحليات فى القاهرة والمحافظات لإزالة الإشغالات ومواجهة المخالفات بدأت ثماره تظهر فى مناطق كثيرة، وبالطبع يحتاج إلى متابعة واستمرارية ليتجاوز الموسمى إلى الطبيعى والدائم.
وهو أمر يتطلب تنفيذ الحكومة لوعودها بإيجاد بدائل ينتقل إليها الباعة الجائلون، فى أسواق دائمة. أما بالنسبة لضبط المرور، وتأمين الطرق فهو فى حاجة لتطبيق القانون على إمبراطوريات النقل الجماعى والحافلات الضخمة التى ماتزال تفرض سطوتها وتقاوم التنظيم، بالإضافة إلى التوك توك.
واللافت للنظر أن الأجهزة ماتزال تتحرك فقط فى الشوارع الرئيسية، والميادين وعواصم المحافظات، بينما الشوارع الخلفية والقرى والطرق الفرعية ما تزال خارج السيطرة، خاضعة لسطوة التوك توك وفوضى الإشغالات والاعتداءات. بشكل يجعل بعضها خارج أى سلطة، غير سلطة الفوضى.
كل هذا يجعل الصورة فى الواجهة فقط، بينما الشوارع الخلفية كما هى تعيش الفوضى. وأخطر ما يواجه الأمن هو التوك توك، الذى تحول من وسيلة نقل إلى رمز للفوضى، وهى أزمة مستمرة منذ سنوات، عندما سمحت الحكومة باستيراده، ثم تركته بلا ترخيص ولا قانون، وظلت مشكلة التوك توك عالقة بلا حل، لا يسمح بترخيصه ولا يتم منعه، والنتيجة أنه أصبح تحت سيطرة أطفال، ومن الصعب محاسبة السائقين أو الملاك
وكان يمكن أن يتم السماح به فى المناطق التى لا تصلها المواصلات، بشرط أن يكون معلوما ومرخصا، وأن يتم تنظيم الشوارع مروريا وجعل كل شارع باتجاه واحد. ليكون الأمر كله تحت السيطرة.
ومثل ظاهرة التوك توك هناك ظاهرة تجارة المخدرات والسلاح والخارجين على القانون، ممن غادروا الشوارع الرئيسية واستقروا فى الشوارع الخلفية، ويفترض أن تمتد لهم أيدى الدولة، بالتطوير وأيضا بالمواجهة.
لأن الإشغالات والاعتداءات على الشوارع فى الخلف أكبر من مثيلاتها فى الميادين والشوارع الرئيسية.
كما أن القرى والمراكز لم يصلها التطوير حتى الآن، وفى حال استمرت، فنحن أمام عملية ترحيل للمشكلة، من دون حلول جذرية، ودائمة تسمح بتطبيق حاسم وواضح للقانون.
وهذا هو الاختبار الصعب، الذى يسمح بوصول الدولة ليس فقط فى الواجهة، وإنما فى المناطق التى تغيب عنها، وتسمح بنمو الفوضى من جديد. وصول الدولة إلى الشوارع الخلفية هو الاختبار الحاسم والمنتظر.