سعدت كثيرا بذهاب جائزة النيل للكاتب الكبير إدوار الخراط متعه الله بالصحة، لأنه قامة ثقافية كبيرة ومحرض على الإبداع وصاحب تجربة فريدة فى الكتابة، تجبرك على احترامها حتى لو اختلفت معها، أحب له حيطان عالية وترابها زعفران ومحطة السكة الحديد، وكلما أشدت أمامه بالأعمال الثلاثة كان ينظر من تحت نظارته السميكة المحببة ويقول «دول بالذات كتبتهم بصباعى الصغير»، هو وبدر الديب رحمه الله رفضا الواقعية الاجتماعية التى صنع منها المعلم الكبير نجيب محفوظ أسطورته، الخراط اختار منطقة عصية فى الكتابة، استثمر فيها حيله مع اللغة العربية ودهاليزها، عاش مشغولا بغواية الإيقاعات والصور التى تكون أحيانا عبئا على السرد، كان مشغولا وهو يكتب عن إسكندريته إعلاء شأن المدينة التى كتبها الأوربيون، الذين أثروا فيه، هو دارس للحقوق وعمل فى مخازن البحرية البريطانية وفى البنك الأهلى وشركة التأمين الأهلية ومترجما فى السفارة الرومانية بالقاهرة قبل أن ينهى حياته الوظيفية مع يوسف السباعى فى منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية.
بعد تقاعده تفرغ تماما للكتابة والتبشير بالكتاب الجدد، كتب عن جيل السبعينيات فى القصة، وكان ملهما لمعظم شعراء الجيل نفسه، رهاناته لم تكن دائما صائبة، ولكنه بالتأكيد كان مؤمنا بالتعددية ويدافع عنها، له تجارب غريبة فى كتابة الشعر، لم تستقبل بالحفاوة التى كان ينشدها، ولكنها أشارت إلى الشاعر المقموع بداخله، هو صاحب نظرية الحساسية الجديدة التى أراد بها تأسيس مدرسة يكون هو رائدها، لم تصمد كثيرا، ولكنه جلس إلى مشروعه الروائى الفريد والمجهد، إنجازه فى ترجمة الأدب المسرح العالميين وحده يؤهله للجائزة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة