إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسى بتطبيق الحد الأقصى على كل العاملين فى الدولة وأولهم الرئيس نفسه والوزراء يعنى أن هناك جدية فى تطبيق الحد الأقصى، وهو السبيل لتطبيق الحد الأدنى للأجور، الذى كان مطلبا جماهيريا، لكنه تعثر فى أروقة الحكومات. وكانت الاستثناءات هى الثغرة التى تنسف النظام كله. وبالطبع هناك البعض ممن يعتبر الحد الأقصى ظلما للخبرات النادرة أو القيادات العليا. بينما الواقع أن ما كان مطبقا هو أن عددا محدودا من القيادات يحصلون على ما يقرب من ثلث موازنة الأجور، بينما الأغلبية تحصل على الفتات.
الرئيس حسم القضية، وأعلن أنه يبدأ بنفسه والحكومة، ثم أضاف أنه يتبرع بنصف راتبه ونصف ثروته للدولة، فى وقت يرفض موازنة مثقلة بالعجز، وتحدث الرئيس مؤكدا أنه لا يعقل أن يكون العجز أكثر من 2 تريليون جنيه، وأن نظل نعتمد على الخارج، بينما نواصل الإهدار والإفراط.
والحد الأدنى هو الذى يضمن للمواطن حياة إنسانية، فى ظل الارتفاع الجنونى للأسعار، والاحتياجات.. من طعام وشراب ومسكن وعلاج وتعليم، لكن الحقيقة أن الحد الأدنى للأجور المطروح، الذى قدره حكم المحكمة 2010 بـ1200 جنيه، لا يمثل حدا أدنى للحياة، فهو بالكاد يكفى المواطن وأسرته طعاما، وربع تعليم وربع مواصلات، أما المسكن والانتقالات فلا مكان لها.
وتعنى تصريحات الرئيس أن تتخلص الحكومة من المستشارين الذين يلتهمون الموازنة، وأن تخفض من الإنفاق الحكومى، حتى يمكنها علاج العجز، ومواجهة الديون والأثقال التى تقيد الدولة. لأن الحد الأدنى تواجهه عقدة الحد الأقصى، ولا يمكن الحديث عن عدالة اجتماعية، وهناك ما يقرب من ثلث الشعب تحت خط الفقر الرهيب. بينما هناك من يحصل على ملايين.
الحد الأدنى للأجور، كان أحد أسباب الثورة على مبارك، كما أنه كان أحد أسباب تضاعف الغضب على نظام مرسى والإخوان، لأن الفشل فى توفير الحد الأدنى للأجور، يعنى أن الدولة لا تهتم بعشرين مليون مواطن موظف يعيشون الفقر أو ما تحت الفقر، وهناك أزمة كبرى سوف تواجه الحد الأدنى فى القطاع الخاص، وإذا كانت الحكومة يمكنها تدبير الحد من موازنة الدولة للموظفين، فإن القطاع الخاص لديه من الحجج ما يكفى ليؤكد أن الاستثمارات متعثرة، والمصانع متوقفة، والسياحة متعثرة، بما يعنى صعوبة تطبيق الحد الأدنى فى القطاع الخاص.
والدولة اليوم تتعامل مع الحد الأدنى للأجور، بوصفه قضية حياة أو موت، لأنه لا يمكن تأجيله، ونفس الأمر فى عبور عقدة الحد الأقصى التى تبدو هى الأخرى ثغرات تحتاج لمن يسدها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة