ناجح إبراهيم

رسالة رمضان إلى الإخوان والحكومة و«الأوقاف» والتكفيريين

الخميس، 26 يونيو 2014 06:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شهر رمضان المعظم يريد أن يدق باب سعادتنا وفرصتنا وطاعتنا لنأذن له بالدخول، لكن يبدو أن البعض لا يريد لسعادة وفرحة وطاعة هذا الشهر المعظم أن تدخل إلى قلوب وبيوت المصريين.. فرمضان هو الشهر الذى أرى فيه السعادة على وجوه المصريين، مسلمين ومسيحيين، وكل الذين عرفتهم من المسيحيين كانوا يقولون: «شهر رمضان هذا يسعدنا كما يسعدكم.. يا بختكم بهذا الشهر».
وكنت وأنا صغير أرى أطفال المسيحيين فرحين بكل ما فى الشهر من بهجة وحلوى واحتفالات ومدفع وكرة قدم، ولا نريد لشهر رمضان هذا أن يكون نسخة من سابقه فى عام 2013، فقد كان أصعب شهر رمضان مر على مصر كلها.. استقطاب حاد.. صراعات كثيرة.. قتلى وجرحى من الشرطة والجيش والإسلاميين والعوام.. خطاب حاد يصاحبه تكفير دينى من الحركات الإسلامية السياسية، وتكفير سياسى من التيارات المدنية لقوى الإسلام السياسى.. اتهامات متبادلة.. تخوين من الجميع للجميع.. شتائم وبذاءات يندى لها الجبين.. صراعات سياسية طالت البيت والمكتب والعمل والأتوبيس والميكروباص والشارع والمسجد أيضًا.. تربص خطير ليس له نظير بين قوى التحالف الإسلامى والجيش والشرطة، ومعهم معظم مؤسسات الدولة.. بداية الاغتيالات والتفجيرات والمذابح.
فهل سيكون شهر رمضان هذا أفضل من سابقه.. نريد هذا الشهر مختلفًا تمامًا، ولذا فإننى أوجه هذه الرسائل السريعة والخاطفة للجميع:-
الرسالة الأولى: للإخوان وحلفائهم:
شهر رمضان ليس شهرًا للصراع السياسى مع الحكومة والدولة المصرية، وليس شهرًا للشحن السياسى ضدها، أو تجييش المظاهرات هنا وهناك، ومباغتة الأمن بمظاهرة بعد صلاة القيام، وأخرى بعد الفجر، وثالثة بعد التهجد، أو استغلال القيام أو الاعتكاف للحشد السياسى، لأن ذلك سيضيع عليكم رمضان، وسيحوله من شهر للعبادة إلى شهر للاشتباك بينكم وبين الأمن.. المولوتوف والشماريخ من ناحية والخرطوش والرصاص من ناحية أخرى.. الهتافات من ناحية والقبض والسجن من ناحية أخرى.. وفى كل الحالات سيسقط جرحى وقتلى، وستكون هناك دماء وأشلاء وآهات ودموع وأحزان وبكاء وعويل ويتم وترمل، ثم لن تعود السلطة ولن تحقن الدماء، ولن يجنى الطرفان من ذلك شيئًا، ولن يعود الإخوان إلى الحكم.
أما المحكوم عليهم بالإعدام، فإن معظمهم سيلغى حكم الإعدام عليه فى النقض، ولكم فى نفس هذا القاضى الذى حكم بتحويل 1000 إلى فضيلة المفتى عبرة، فقد ألغى بنفسه %90 من أحكام الإعدام التى أصدرها، فضلا على نقض النيابة نفسها للحكم وهى صاحبة الدعوى، إذ رأت شططاً فى تطبيق الحكم وخللاً فى إنفاذ القانون.
أيها الإخوان: لا تمنعوا أنفسكم والآخرين من الطاعات والعبادات فى رمضان ليكون العوام بين سندان ومطرقة المظاهرات والقتل والكر والفر والسجن والمولوتوف والخرطوش، فيكرهوا المساجد والعبادة ورمضان.
يا أهل العقل والحكمة فى الإخوان أنتم تتظاهرون منذ أكثر من عام، والتكفيريون يفجرون ويغتالون، وقنوات كثيرة تابعة لكم تشتم فى الحكومة والدولة المصرية كذلك، وكل ذلك لم يرجع د/ مرسى والإخوان إلى الحكم، وكل يوم يزيد الطين بلة عندكم، ويعطى الدولة مبررات لقهركم وسجنكم، فهلا فكرتم فى وسائل جديدة تفيدكم، وتبنى الوطن بدلاً من الصراعات السياسية التى يمكن أن تدمركم وتؤخر الوطن.
لا تعتصموا فى زمن أحببتموه وعشقتموه ولا تريدون مفارقته.. لا تعتصموا فى يوم 29/6/2013 فقد مضى الزمان، وجرت فى النهر السياسى المصرى مياه كثيرة حتى تغير كل شىء فيه، فمن اعتصم فى الزمان فاته وأهمله وودعه كما أراد هو أن يهمله وينصرف عنه.
وسواء أحببتم الواقع الحالى أو كرهتموه فلابد أن تعلموا أن دورة الزمان لا تنتظر من اعتصم فى زمان سابق، ولن تمهله طويلاً حتى يلحق بها بأى طريق.. فمن ضاعت منه السلطة فهناك الدعوة وهناك التربية وهناك الإحسان إلى الناس و... و... وهناك عشرات الميادين تنتظر عطاء المعطين والباذلين، وكلها أعظم وأهم وأبقى من السلطة.
الرسالة الثانية: إلى الحكومة:
لا داعى للشطط فى الأمور، ما هذه الإعدامات التى تلقى هكذا وتوزع بين الحين والآخر، إنها إنهاء حياة إنسان ولابد من قمة التحوط فى ذلك والعدل هو أساس الملك وقاعدته، والعدالة عمياء لا تميز بين من نحب ومن نكره، وزيادة أحكام الإعدام ليست دليلًا على تحضر مصر، بل إنها دليل على العكس، وهى ليست رادعة، بل هى قاطعة لشعرة معاوية إن بقيت هناك شعرة، وداعية للنفور الدولى والإقليمى وجلب عداوتهما، وداعية لمزيد من دعاوى التكفير والتفجير.
ولا داعى للشطط أيضًا فى مواجهة ملصق «هل صليت على النبى؟».. فعلى الحكومات أن تتحرز أن تكون طرفًا فى مسائل دينية حساسة قد يستخدمها الكثير من خصومها لتجريحها، أو تكفيرها، أو القول بأنها تحارب الدين نفسه.. الوسطية مطلوبة أيتها الحكومة وتذكروا قول الله تعالى «وَلْيَتَلَطَّفْ»، فهى فى منتصف المصحف، وهذا المعنى مطلوب للجميع، للحكومة والإسلاميين والإعلام والسياسيين.
شهر رمضان هو شهر العفو والصفح، وعلى الحكومة أن تفرج فيه عن مجموعة كبيرة من شباب الجامعات، وطلبة الثانوى، وكذلك كبار السن الذين لم يدانوا فى أعمال عنف أو تفجيرات أو اغتيالات، وأن تفحص حالات كل المقبوض عليهم، وأن تسعى لتحسين السجون، والمحافظة على الكرامة الدينية والإنسانية لكل السجناء، خاصة السجين السياسى.
أن تقوم الحكومة بضربة خاطفة لعدد من المرتشين الكبار فى الهيكل الإدارى الحكومى مع تقديمهم للمحاكمة العاجلة،
وأن تسترد كل أموال الدولة التى سرقت ونهبت فى الثلاثين عامًا الماضية بكل السبل الممكنة، وألا تترك أحدًا يهنأ بجنيه واحد استلبه من الدولة خلال السنوات الماضية، سواء كانوا خارجها أو داخلها، وهى قادرة على ذلك بالقانون أو التفاوض أو.... أو...
الرسالة الثالثة: إلى العصاة، والحرامية، وتجار المخدرات، وأهل الربا، إلى المرتشين من الموظفين، وقطاع الطريق، وأهل الزنا، إلى أهل الثأر فى القرى والصعيد:
توبوا إلى الله فى هذا الشهر العظيم.. توقفوا تمامًا عن مبارزة الله بالمعاصى، وابدأوا عهدًا جديدًا مع الله.. غيروا من أنفسكم.. كفاكم الحرام الذى أكلتموه، وكفاكم الدماء التى أرقتموها، وكفاكم أموال اليتامى ظلمًا، أو الاعتداء على حرمات الناس، «فإن الله يمهل ولا يهمل».. اجعلوا هذا الشهر بداية للتوبة وتجربة عملية له، عسى أن تمتد توبتكم وأوبتكم إلى آخر العمر، واعلموا أنكم إن لم تتوبوا إلى الله قد يفضحكم فى الدنيا بعد ستر طويل.
الرسالة الرابعة: إلى وزارة الأوقاف:
قد أممتم الدعوة الإسلامية فى مصر كلها، وقلتم للجميع نحن أهل لها، وسخط الكثيرون لذلك، لأن مصر جربت الأوقاف كثيرًا فلم تر منها أى تجديد أو تطوير أو تحسين للدعوة الإسلامية، بل عهدت فيها دومًا جمودًا وتحجرًا، وتحويل الدعوة الحية النابضة الفتية التى ورثناها عن النبى صلى الله عليه وسلم إلى دعوة ميتة باهتة ثابتة لا تتطور، يهتم الكثير من أهلها بالراتب والعلاوة ودفتر الحضور والانصراف قبل أن يهتم بهداية الناس والشباب خاصة، ولا يهتم بوسائل جذبه إلى المسجد.
واليوم يا وزارة الأوقاف الدعوة كلها فى أيديكم.. أرونا منكم همة وتجديدًا وتطويرًا.. نريد اعتكافًا يخرج الشاب منه كنموذج للمسلم الذى يريده رسول الله صلى الله عليه وسلم.. نريد حيوية فى المسجد، وأصواتًا رائعة فى القرآن.. نريد.. ونريد.
مصر الآن مليئة بالآفات الأخلاقية الظاهرة والباطنة، ونحن فى انتظار جهدكم الدعوى والتربوى الذى يغير كل هذه الأخلاق السلبية إلى إيجابية، وإلا فإن نيابتكم عن كل الدعاة ستكون مغشوشة، وتأميمكم للدعوة الإسلامية سيكون قتلًا لها ووأدًا لحيويتها ونضارتها، وأول شىء تفعلونه تحرير الأوقاف المغصوبة من أيدى الكبار الذين سرقوها فى العهود السابقة، وهم معروفون للجميع.
الرسالة الخامسة: إلى الدعاة:
تذكروا جميعا.. نحن دعاة لا قضاة.. نحن دعاة لا ولاة.. نحن دعاة لا بغاة.. نحن دعاة لا قساة.. قابلوا الشوكة بالوردة، والمنكر بالمعروف، والعدوان بالإحسان، والشتم بالعفو
الرسالة السادسة: إلى أنصار بين المقدس وكل الجماعات التكفيرية:
أسأتم إلى بيت المقدس وإلى فريضة الجهاد، وضعتم السيف فى غير موضعه.. فى المكان الخطأ، وفى الزمان الخطأ، وبالطريقة الخطأ، وقتلتم من كان ينبغى عليكم معاونته وحفظه.
أسأتم إلى جميع الحركات الإسلامية، ولوثتم ثوب الدعوة الإسلامية الأبيض بالدم القانى الحرام، ونفرتم الناس من الدين والإسلام، وبذرتم بذور التكفير والكراهية فى مصر المحبة التى احتضنت كل الرسالات والأنبياء، إبراهيم وموسى وعيسى ومريم عليهم السلام، واحتضنت آل البيت حينما ضاق عليهم المقام فى كل مكان.
الشىء الوحيد الذى أرجو أن تتركوه فى رمضان هو سوأتى «التكفير والتفجير»، ولو فعلتم لكان هذا الشهر أسعد شهر علينا وعليكم.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة