القضايا التى تشغل الرأى العام والإعلام كثيرة، الحد الأقصى والأدنى، الدعم، الإرهاب، بكم تبرع السيسى، وكم سيدفع عادل إمام، وهل تبرع السيسى سيحرج أحدًا من أهل المال أم أنهم سيعملون «ودن من طين وأخرى عجين»؟، وآخر أخبار خناقة آثار الحكيم ورامز بتاع الأسد والقرش، ومسلسلات رمضان، وهكذا نحن شعب ككل الشعوب كل يوم فى شأن، وكل هم له ساعة، وكل ساعة لها شأن.
وعلى غير هموم الشعب تأتى هموم النخبة على نغمة أخرى تمامًا، أما النخبة فهى النخبة التى يقولون عليها سياسية، وتتصارع على حكم البلاد، أو بالأحرى تتصارع على المشاركة فى حكم البلاد، والسيطرة على بعض مقاليدها من خلال مجلس الشعب، والنخبة تجتمع حول الأحزاب وبعض الأسماء البراقة التى دخلت الساحة السياسية على جديد، مثل مراد موافى، رجل المخابرات السابق. فى مصر يقولون إن هناك ما يزيد على المائة حزب أو أقل قليلاً، وأيًا كان عددهم فقل لى بالله عليك هل أنت كمواطن صالح أو حتى غير صالح تعرف لهم نفعًا أو ضرًا؟!.. بلاش دى، هل تعرف لهم صوتًا أو تأثيرًا إلا حين يأتى الحديث عن قانون الانتخابات.. بلاش دى، هل تعرف لهم برنامجًا أو توجهًا إلا عناوين براقة، مثل هذا حزب إسلامى الهوى، وذاك ليبرالى الهوى، وآخر ناصرى الاتجاه، وغيره يسارى الاتجاه، وآخر شعبى الهوى، وغيره ديمقراطى، وهكذا تتبدل الأهواء فى صورة عناوين، وحقيقة الأمر ما هى إلا عناوين تشبه عنوانًا عرفناه سابقًا، وكان الأكثر بريقًا، وأثبتت الأيام كذب عنوانه وهو العنوان الأشهر «الإسلام هو الحل».
وللحق، ولكى لا نبخس حق الأحزاب، فما بين الحين والآخر ربما نشاهد شخصًا على شاشات التليفزيون يكتبون تحت اسمه فلان الفلانى، رئيس الحزب الفلانى، أو القيادى فى الحزب العلانى، وتكرار ظهوره، وتكرار كتابة اسمه من شأنه أن يعرفنا نحن عموم الشعب بحضرته، وبضيق أو سعادة حضرته ببنود قانون الانتخابات، أو رأيه فى أمر من الأمور، وهو عادة لا يختلف عن رأى أو تحليل أى شخص عابر قاعد على قهوة بلدى وأمامه شيشة أو كوب سحلب، وربما نرى اسمه مكتوبًا على لافتة هنا أو هناك بتهنئة أو مباركة فى عيد أو مناسبة وبس خلاص..
إذن، خلاصة الأمر أن النخبة أو الذين يريدون ويدعون أنهم نخبة ما هم إلا عنوان كبير، وصورة يستدعيها الإعلام لحديث عابر وتهنئة أو مواساة فى المناسبات. وعفوًا فقد نسيت أن أضيف أن النخبة فى الأحزاب كثيرًا ما يكونون عنوانًا لقضية فى صفحة الحوادث، لأنهم أحيانًا يتعاركون حول من يكون الرئيس، والحزب الفلانى من حق مين، ومين ليس له حق فيه.. هذا كان الحال فى زمن مبارك، وللأسف لم يتغير الحال كثيرًا منذ ثورة يناير، فإن كان الشعب قبل الثورة يقول إن الأحزاب وأهلها تابعون لمبارك، فإنهم بعد مبارك صاروا إما يتامى مبارك أو على نهج أحزاب مبارك، أو أكثر طمعاً مما كانوا عليه فى زمن مبارك وأكثر جرأة وأعلى صوتًا، فيسرى عليهم القول أسمع ضجيجًا ولا أرى طحينًا.
وخلاصة الأمر أنه لا حزب فى هذا البلد أقوى وأكثر تناغمًا وتأثيرًا من حزب وداد جلبى بتاع عبدالرحمن الأبنودى وحليم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة