الولايات المتحدة وحلفاؤها مازالوا متمسكين حتى الآن ببرنامج «الناتو» لتطبيق مشروع الشرق الأوسط الكبير، وهو إعادة تخطيط المنطقة جنوب وشرق البحر المتوسط بعد جولة عنيفة من الفوضى، تسقط فيها عقيدة الحدود المستقرة، وتنشأ فى أذهان سكان تلك المناطق التى تمتد من موريتانيا حتى البحرين حدود جديدة قائمة على ما تفرضه الميليشيات المسلحة على الأرض.
القبض على خلية «داعش» فى سيناء، والتى تضم 15 عراقيًا وفلسطينيًا وسوريًا، يمكن وضعه جنبًا إلى جنب مع استمرار الهجوم المخابراتى الموجه فى مراكز الأبحاث وصناعة الرأى الغربية على مصر 30 يونيو، ومحاولة تصوير الوضع الحالى من ثورة مجيدة التف حولها الشعب والجيش إلى نموذج لحكم استبدادى عسكرى فاشى، كما يمكن الإشارة إلى السياسات المعادية فى عدة مراكز عربية، مثل الدوحة والخرطوم وتونس وبغداد وبعض مناطق ليبيا، تلك التى تجمع المرتزقة المتطرفين، وتمول نشاطهم الإرهابى فى طرابلس وسيناء والشام والعراق. انتصار 30 يونيو لم يسقط برامج واشنطن والناتو إذن، ووضع دستور جديد للبلاد، وإجراءات انتخابات رئاسية نزيهة لم يسعد القائمين على الأمور فى البيت الأبيض، واستمروا فى حصارهم الاقتصادى الذى تحول إلى ممانعة اقتصادية بعد الاضطرار إلى صرف جزء من المساعدات، والاعتراف بما تم إنجازه من خارطة الطريق.
ما حدث ويحدث فى العراق من اجتياح «داعش» للشرق والشمال هناك، وتصوير الأمر على أننا أمام قوات دموية لا يمكن صدها، أو مقاومة تقدمها، ثم تقدم هذه الميليشيات المدعومة من العشائر السنية إلى الحدود السورية والأردنية والسعودية، ثم ظهور طلائعها فى سيناء، أمر المقصود منه دفع الجيش المصرى للتحرك خارج الحدود المصرية، بالإضافة إلى ما يبذله من جهد للسيطرة على البؤر الإرهابية فى سيناء، فى ظل اقتصاد يعانى، ومعدلات تنمية منخفضة، ومصير محدود من الفئات الأكثر احتياجًا. المخطط إذن البحث عن وسائل لتفجير الجبهة الداخلية فى مصر، ونقل الأوضاع فى العراق إلى البلدان المجاورة، خاصة دول الخليج الكبرى، الأمر الذى قد تعتبره الإدارة الأمريكية تهديدًا مباشرًا لما تسميه مصالحها الاستراتيجية، وقد تسعى للتدخل العسكرى كغطاء لإعادة تقسيم دول الخليج الكبرى.
ما الذى يجعل الإدارة الأمريكية والناتو يصرفان النظر عن برنامج الشرق الأوسط الكبير ولو مرحليًا؟
البداية بالتوحد العربى فى جبهة قوية تضم مصر والسعودية والإمارات والكويت، وتمتد لاحتواء ليبيا والسودان ولبنان.
- العمل على وقف فورى للصراع فى سوريا عن طريق تجفيف منابع التمويل للإرهابيين هناك، واستيعاب المواطنين الخليجيين المخدوعين بوهم الجهاد، ورعاية مؤتمر وطنى حقيقى يصل إلى نتائج ملموسة ترضى جميع الفصائل السورية، وتبدأ عهدًا سياسيًا جديدًا.
- التدخل الفورى بأزمة العراق عن طريق الجامعة العربية، حتى لو استدعى الأمر التفاوض المباشر مع طهران لسحب مقاتليها من الأراضى العراقية، وإنهاء حالة الصراع المذهبى السنى الشيعى.
- الضغط اقتصاديًا وإعلاميًا على إدارة أوباما من قلب الولايات المتحدة، لإظهار التكلفة الباهظة للسياسات الأمريكية فى المنطقة العربية، والخسائر الفادحة التى لحقت بالولايات المتحدة فى المنطقة العربية من جراء سياسات أوباما الفاشلة، ولن تعدم الدبلوماسية العربية الناجحة مناصرين من الجمهوريين والديمقراطيين يرون أن المصالح الأمريكية المباشرة ليست فى مقتل الأمريكيين بالعراق، أو خسارة الدول النفطية الكبرى، أو اتجاه مصر شرقًا إلى روسيا والصين.. وللحديث بقية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة