رجال الأعمال والمستثمرون المتعاملون فى البورصة المصرية غضبوا وهاجوا وماجوا على قرار الحكومة بفرض الضريبة على الأرباح الرأسمالية، وخاضوا معركة «كسر العظام» مع الحكومة لإجبارها على التراجع والاعتذار و«بوس القدم وإبداء الندم» فى حق السادة الكبار من الأغنياء أصحاب رؤوس الأموال فى البورصة، وكأن فرض الضريبة اختراع مصرى خالص وليس شيئا طبيعيا معمولا به فى بورصات العالم وبنسبة أكبر من نسبة الضريبة المصرية على أرباح المتعاملين فى البورصة تصل فى البورصات الآسيوية والأوروبية والأمريكية إلى %40 على كل أنواع التعاملات فى البورصة، وهذه حقوق الدول لزيادة إيراداتها من مكاسب المستثمرين ورجال الأعمال الذين يحققون الأرباح الطائلة فوق أراضيها.
فلماذا كل هذه الضجة على الضريبة التى تسعى الحكومة من خلالها لزيادة حصيلة الضرائب للإنفاق على مشاريع التنمية والخدمات العامة لصالح الفقراء ومحدودى الدخل؟
لماذا يغضب السادة رجال الأعمال والمستثمرون من دفع ضريبة مستحقة على أرباح طائلة يحققونها سنويا من البورصة وغيرها؟ وهل يظهر هذا الغضب فى البورصات الأوروبية والأمريكية؟ هل الدفع بالخارج يسبب السعادة والفرح والدفع بالداخل يصيب بالاكتئاب؟ أم أن رجال الأعمال عموما يرغبون فى اختبار مدى قوة الحكومة والرئيس الجديد فى الدفاع عن حقوق الدولة ومواردها المهدرة؟
لا أحد يتحجج بتأثير الضريبة على الأرباح السنوية على الأسهم على «جاذبية البورصة المصرية»، لأنها بورصة ثانوية لا تعكس كثيرًا حقيقة الأوضاع الاقتصادية، والتعاملات بها ليست بالأحجام الكبيرة، بالتالى لن يتضرر «الكبار» بالضريبة التى لا تتجاوز %10 فى حالة تحقيق الأرباح ومعفى منها التوزيعات المجانية للمساهمين.
المفارقة المثيرة للدهشة من موقف المستثمرين فى البورصة من قرار الضريبة، أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تكتف فقط بضرائب البورصة، بل أصدرت ما يسمى بقانون الامتثال الأمريكى لتشديد الملاحقة لكل من يحمل الجنسية الأمريكية ضريبيًا على ما يحققه من دخول فى أى دولة أخرى، ويعنى ذلك أن صناديق الاستثمار والأفراد الأمريكيين والمصريين مزدوجى الجنسية المتعاملين فى البورصة المصرية سيدفعون ضريبة فى كل الأحوال عن الأرباح الرأسمالية المحققة عن تعاملاتهم، فما رأى السادة المستثمرين ورجال الأعمال؟ هل سينظمون مسيرات حاشدة غاضبة من قرار أوباما والحكومة الأمريكية أم أن الصمت والرضا والسعادة هى سيدة الموقف، وأن الكبار أسود على مصر وطيور وديعة على أمريكا؟!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة