ألغينا وزارة الإعلام من دون إيجاد بديل أو بدائل، لذلك أتوقع مزيدا من المشكلات فى إعلام الدولة، ومزيدا من الفوضى الإعلامية، من هنا لا بد من سرعة التحرك وإصدار قوانين تفسر وتفعل مواد الدستور التى تنص على إنشاء ثلاث هيئات مستقلة لتنظيم الإعلام وضمان حريته واستقلاله «مواد 211،212،213». كنت قد طالبت الرئيس عدلى منصور بإصدار هذه القوانين قبل الانتخابات الرئاسية لضمان مناخ إعلامى عادل ومتوازن وحتى لا يتهم الرئيس المنتخب بإصدار قوانين تنظيم الإعلام بطريقة تعمل لصالحه، لكن يبدو أن منصور ترك المهمة للرئيس، وأخشى أن يؤجل السيسى هذه المهمة الصعبة ويتركها للبرلمان المنتخب الذى سيبدأ أعماله فى أكتوبر القادم وربما لا يناقش ملف الإعلام إلا فى عام 2015 ما يعنى استمرار فوضى الإعلام ولا مهنيته وانغماسه فى الصراع السياسى، علاوة على استخدامه فى الدعاية الانتخابية والتلاعب بمعلومات وعواطف المواطنين أثناء الانتخابات البرلمانية.
باختصار أنا مع سرعة إصدار قوانين تفسر وتفعل مواد الدستور الخاصة بالإعلام خلال شهر من اليوم، وأطالب الرئيس بسرعة تشكيل لجنة مصغرة من تسعة إعلاميين وفقهاء قانون يكتبون مشروعات قوانين تنظيم عمل هيئات الإعلام الثلاث وصلاحياتها وطريقة اختيار أعضائها ومصادر تمويلها، مع طرح تلك القوانين للحوار المجتمعى، بما يكفل أن تخرج القوانين ملتزمة بروح ومبادئ الدستور، وأن تحقق استقلال الهيئات المنظمة للإعلام والتى ستحل محل وزارة الإعلام، لكن مع ضمان حرية الإعلام واستقلاله عن سلطة الدولة ونفوذ رجال الأعمال وشركات الدعاية والإعلان.
فى المقابل هناك تخوفات من التسرع وإصدار قوانين غير ديمقراطية وتفتقر للدقة والوضوح لذلك يطالب البعض بالتأجيل لأننا صبرنا ثلاثة أعوام تقريبا على فوضى الإعلام، وبالتالى فلا ضرر كبيراً من الانتظار، لأن البرلمان المنتخب أقدر على مناقشة وإصدار هذه القوانين، والأدهى أن البعض يروجون لفكرة أن الإعلام الحكومى والخاص مستمر ويقوم بوظائفه من غير مشاكل كثيرة أو كما قال لى واحد منهم: «من غير وزارة إعلام آهى ماشية!!» طبعا الأمور ماشية لكنها للأسوأ، ويبدو أنا هناك من تعود على فوضى الإعلام وعدم مهنيته واستمراره بدون مواثيق شرف أو محاسبة مهنية وأخلاقية من أى نوع، أكثر من ذلك هناك بعض المستفيدين سواء من الإعلاميين أو رجال الأعمال أو السياسيين من استمرار فوضى الإعلام! وأعتقد أن حجج المتخوفين من التسرع غير منطقية لأنه لا توجد علاقة بين الإسراع فى إصدار قوانين مطلوبة لتنظيم إعلام وعوار القوانين نفسها، فكم من القوانين الفاسدة وغير الديمقراطية صدرت بعد سنوات من عمل ومناقشات لجان كثيرة، من جانب آخر لا يمكن السكوت عن السقوط المستمر والتخبط فى أداء إعلامنا الخاص والعام، ولا بد من سرعة وقف هذا السقوط الذى يجرى من دون حساب، وفى وقت ترتفع فيه مستويات الأداء الإعلامى لصحف وفضائيات عربية تابعة لدول لم تعرف العمل الإعلامى أو كليات الإعلام إلا على يد المصريين.
إنقاذ الإعلام المصرى وإصلاحه مهمة وطنية تدخل ضمن أولويات الأمن القومى لأنه لا يمكن ضمان نجاح الرئيس وحكومته فى ظل استمرار الأداء الإعلامى الحالى، الذى يتعارض مع الحد الأدنى من متطلبات العمل والإنتاج والترشيد والاستقرار والمشاركة السياسية، إنه بكل المقاييس إعلام كارثى تتلاعب به وتديره مصالح وأجندات داخلية وخارجية، وبالتالى لا بد من سرعة التحرك والعمل لإصلاحه وتغييره، ولا يمكن تأجيل الإصلاح حتى نهاية 2014 أو مطلع 2015، ولتكن البداية بإصدار قوانين تفسر وتفعل مواد الدستور الخاصة بالإعلام، علما بأن هذه القوانين فى حال صدورها وتطبيقها ستعرض على البرلمان المنتخب لتعديلها أو إقرارها أو تغييرها، إذن كل الخيارات متاحة أمام البرلمان المنتخب لكن لا يوجد خيار واحد أو بديل عن استمرار سكوتنا عن تدهور أداء الإعلام المصرى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة