أقسم اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، على احترام الدستور والقانون 3 مرات فى أقل من 15 شهرًا، الأولى كانت أمام الرئيس المعزول محمد مرسى فى يناير 2013 بحكومة هشام قنديل، والثانية كانت فى يوليو من العام نفسه أمام الرئيس عدلى منصور بحكومة حازم الببلاوى، والثالثة فى مارس 2014 بحكومة إبراهيم محلب. وفى المرات الثلاث كان «إبراهيم» يقف على مدخل القاعة الكبرى بقصر الاتحادية، منتظرًا مسؤول المراسم برئاسة الجمهورية أن ينادى على اسمه «محمد أحمد إبراهيم محمد مصطفى» لكى يدخل هو حاملاً بيده اليمنى ورقة القسم، ويردده على الهواء مباشرة.
انطلاقًا من القسم الثلاثى لوزير الداخلية على احترام الدستور والقانون، فإن أى تحرك أو قرار للواء محمد إبراهيم دون مراعاة لأحكام الدستور، يضع الوزير فى حرج أمام نفسه، وأمام الدستور الذى أقسم عليه، لأنه سيكون وزيرًا ضد الدستور.
فهل تقبل يا سيادة اللواء محمد إبراهيم أن تكون وزيرًا ضد الدستور، بعد أن طرحت مناقصة «القبضة الإلكترونية»، وحددت لها كراسة شروط وزعتها على شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، تطلب فيها مراقبة الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك، تويتر، فايبر، وات ساب»، بما يحمل معه شبهة واضحة للتجسس على الحياة الخاصة والشخصية للمواطنين والمواطنات.
الدستور الذى أقسمت على احترامه يا سيادة الوزير ناقش العلاقة بين الحياة الشخصية، وأمن البلاد فى أكثر من موقع، وتحديدًا بـ 6 مواد فى أبواب مختلفة، بينها مادة واحدة فقط تسمح لحضرتك بمراقبة «فيس بوك، وتويتر»، وهى مادة أطلقت عليها الجمعية التأسيسية فى الدستور مسمى «الفضاء الإلكترونى» فى المادة 31، بينما يوجد فى الدستور نفسه 5 مواد أخرى تقف حائلًا بينك وبين تنفيذ مشروع المراقبة، هى المواد 54، 57، 99 ،65، 59.
وبشىء من التفصيل غير الممل، فإن المادة التى تجيز لوزارة الداخلية مراقبة مواقع التواصل الاجتماعى، وهى المادة 31 من الدستور، نصها: «أمن الفضاء المعلوماتى جزء أساسى من منظومة الاقتصاد والأمن القومى، وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ عليه، على النحو الذى ينظمه القانون»، بما يعنى أنه حتى المادة التى من الممكن أن تستند إليها تحتاج إلى قانون لتنظيم عملية المراقبة، وهو القانون الذى لم يعد ولم يصدر بعد، ومن ثم فالنتيجة الإيجابية ليس فقط أن حضرتك تنفذ مشروعًا يتعارض مع الدستور، ولكن أيضًا هو مشروع أمنى ليس له أى سند قانونى يحميه، ستكون أنت وحدك صاحب المسؤولية الكاملة عنه.
على الجانب الآخر، يتضمن الدستور 5 مواد بصياغات مختلفة، كلها تتفق فى الحفاظ على الحياة الشخصية والخاصة للمواطن، وأنها حرمة لا تمس.. يعنى مثلًا المادة 57 بدأت بـ «الحياة الخاصة حرمة، وهى مصونة لا تمس»، والمادة 54 بدأت بـ «الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس»، والمادة 99 بدأت بـ «كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية»، بما يعنى أن حضرتك يا سيادة وزير الداخلية سترتكب جريمة بتنفيذك المشروع، وستعاقب عليه أمام القانون.
نقطة نظام.. أيهما أهم للدولة، حماية أمن المواطن، أم مصالح الدولة؟، والإجابة هنا لن تكون على لسانى، إنما ستكون وفقًا لما ورد بالدستور، فالمادة 167 ذكرت نصًا أن الاختصاص الثانى للوزير هو المحافظة على أمن الوطن، وحماية حقوق المواطنين، ومصالح الدولة، وتلك المادة تحديدًا ربطت بين أمن الوطن وحق المواطن فى جملة واحدة.
وأختتم مقالى بعبارتين من الدستور، الأولى من الديباجة، والثانية من المادة 57.. فديباجة الدستور ورد بها: «نكتب دستورنا ليصون حرياتنا»، فهل المشروع الجديد يصون الحريات للمواطن؟، أما المادة 57 فورد بها أن «المراسلات البريدية والبرقية والإلكترونية والمحادثات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائى ولمدة محددة»، فهل رسائلنا ستكون سرية وآمنة عن أى مراقبة؟
يا سيادة الوزير وفقًا لنصوص الدستور، فإن المشروع ضد الدستور، وإن نفذته فستكون وزيرًا ضد الدستور.. فهل تقبل أن تكون وزيرًا ضد دستور أقسمت على احترامه ثلاث مرات؟!
محمود سعد الدين
إلى اللواء محمد إبراهيم.. هل تقبل أن تكون وزيراً ضد الدستور؟
الجمعة، 06 يونيو 2014 05:24 م
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة