ونحن نسير فى طريق الحياة يمر بنا كثير من مسافرى الطريق، وكثيرًا ما نجد أن هناك من يشاركوننا أجزاءً من طريق حياتنا؛ وهنا يجب عليك أن تدرك أن من تختار أن يشارك الطريق سيؤثر كثيرًا على سيرك فى الطريق.
يقولون: "الرفيق قبل الطريق" فأحيانًا تضيع الحياة من أصحابها لأنهم لم يستطيعوا أن يختاروا أشخاصًا يساعدونهم فى التقدم فى طريق الحياة. لذا أحد أهم اختيارات الحياة هى الشخصيات التى نتعامل معها ووضع إطارات التعامل مع من نلقاهم فى طريق الحياة.
وفى طريق الحياة، ابحث عن الحكيم كى يرافقك الطريق؛ وعندئذ لن تُفقد فى أرض التِّيه؛ وتتعلم كيف تتحول عثرات الطريق إلى خطىً نحو النجاح، فالحكيم حين يتحدث يختار وقتًا لكلامه، والكلمات الملائمة للمواقف والأشخاص من حوله. إن الحكيم دائمًا يبنى نفسه وكل من حوله، ويساعد بفاعلية فى حل المشكلات.
ومن الحكيم أيضًا تتعلم الحكمة وتتقدم فى طريقك بأسلوب أفضل؛ فأحد أهم ما يَجنيه الإنسان فى الحياة ويميزه عن الآخرين هو ما تعلمه من خبرة وحكمة فى التصدى للعواصف التى تعترضه. وكما ذكر الحكيم: "تحصيل الحكمة خير من اللآلئ"، فإنها تُغيّر الحياة. ابتعد عن الجاهل؛ وهنا لا أقصد غير المتعلم، إنما من يظن أنه يَعلم أفضل ممن حوله، فالطريق معه لن يؤدى إلا إلى الهلاك.
وفى طريق الحياة أيضًا، سِرْ مع المتواضع فمن عرَف التواضع الحقيقى تجده إنسانًا ممتلئًا من الفضائل. أعجبنى تعليق أب لابنه وهما يتجولان فى حديقة المنزل؛ فقد جذبت إحدى الأشجار انتباه الابن، فوقف يتأملها ليجد فروعها وقد انحنت إلى الأمام، فسأل أباه عن سر انحنائها، فأجابه: تأمَّلْ، يا ابنى الفروع جيدًا. أما تلاحظ شيئًا؟ تأمَّلَ الابن الفروع، ثم أجاب: لا ألحَظ شيئًا غريبًا فيها. قال الأب: اُنظر مليًّا، وستجد أنها ممتلئة بالثمار الجيدة ما يسبب مَيلها إلى أسفل، وانحناءها نحو الأمام. ثم أضاف: حين تمتلئ الفروع بالثمار لا تستطيع حملها فتميل. وهٰذا يذكرنى بالمتواضع الحقيقى الذى يحمل كثيرًا من الفضائل فيبدو كالشجرة المنحنية، إلا أنه يحمل ثمارًا وخيرًا لكل من يقترب إليه. قيل: "التواضع الحقيقى هو أبو كل الفضائل" ويقول المثل الصينى: "كلما كبُرت السنبلة انحنت، وكلما تعمَّق العالِم تواضع." نعم، إن التواضع الحقيقى لا يصدر إلا عن العظماء الحقيقيِّين الذين كلما زادت فضائلهم أدركوا أن الطريق ما زال طويلًا وسعَوا نحو اكتساب المزيد ليصيروا مثل النبع الذى ينهَل منه كل من اقترب إليهم. و"عن الحياة" ما زلنا نُبحر.
* الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة