أعتذر لك قارئى العزيز عن بداية كلامى بضمير المتكلم «أنا» فكما قال الأوائل: أعوذ بالله من كلمة «أنا»، لكن للضرورة أحكام فكلمة «أنا» هنا لا تعنى غرورا بقدر ما تعنى حالة من حالات الأسى - وربما الغضب - لأنى رجل على قد حالى لا أتمتع بهذه الجسارة والتنطع والبجاحة التى يتمتع بها «الشطار» و«الفهلوية» الذين يخرج الواحد منهم ويقول: «المشير السيسى قال لى»، ثم يبدأ فى إلقاء أوهامه ويضعها على لسان المشير، ليبدو عالما ببواطن الأمور، بل وصل الأمر بواحد، لا يختلف اثنان عليه أنه شخص مشكوك فى وطنيته، ليتبجح بما يوهمنا به بأنه عالم ببواطن الأمور ويقول لنا متخذا هيئة الغراب الحكيم بأن فى مصر «قاعدة عسكرية أمريكية»، وهو بالطبع يقصد بكذبته نشر تضليل بأن مصر تتساوى مع قطر التى لا يخفى هذا الشخص نفسه سفره الدائم للعمرة السنوية فى قطر ليجمع النوافل من سادته الأمراء، فيخرج المتحدث العسكرى بكل تهذيب ليكذب هذه الفرية.
وعودة للشطار والفهلوية الذين يتحدثون باسم السيسى ليخرج علينا واحد منهم يعتذر لنا أولا عن عضويته السابقة فى الحزب الوطنى المنحل بالقانون وفعل الثورة ثم هات يا هرى.. السيسى قال لى، وقال لى، فيطلب منه الشاب البرىء مقدم البرنامج أن يخبره عما يدور فى الكواليس بصفته مقربا من الرئيس، فلا يخبره بشىء سوى أن المشير السيسى سوف يمارس عمله من قصر العروبة وليس من قصر الاتحادية.
يعرف الشعب المصرى تمام المعرفة أن «جروب المنتفعين فى كل العصور» يحمل جينات خالدة من الانتهازية والتدنى التى تسمح لأعضائه بأن يتشكلوا ويتحوصلوا ويصمدوا أمام العواصف بطأطأة الرؤوس والانحناء الدائم ويلتفوا حول كل سلطة كأعواد لبلاب لا تستطيع الحياة إلا بالتسلق، فيحققوا الشهرة اللعينة والثروة التى لا تتكاثر إلا بالجرائم فى حق الشعب الذى دعا السيسى لحمايته ممن سرقوا ثورته فى يناير ومن سرقوا ثروته منذ عشرات السنين، يعرف السيسى أن من أتى به إلى قصر الحكم هو الشعب الذى يتمنى ألا يخذله السيسى.
ومع أن السيسى ما قليش إلا أننى متأكد من أنه وضع رأسه على كفه يوم أن لبى نداء الشعب ليخلصه من القتلة واللصوص وتجار الدين، فلا يمكن أن يخذل شعبا أولاه كل هذه المحبة الطاغية. ومع أن السيسى ما قليش إلا أننى متأكد من أنه يفهم جيدا ألاعيب «جروب المنتفعين فى كل العصور» ولذلك لن يستطيعوا سرقته من الشعب المصرى الذى تمسك به، ومع أن السيسى ما قليش لكنى سوف أطلب منه طلبا واحدا لعله يقول لى إنه موافق عليه: طلبى بسيط بساطة وجه المرأة المصرية الطيبة التى أعطته ثقتها ومحبتها، طلبى بسيط بساطة شاب يبدأ حياته آملا فى مستقبل لا يسرقه فيه لصوص كل العصور، بساطة أمل فى أن يتساوى مع جميع أبناء جيله فى عمل كريم ومسكن يليق بالآدميين.
طلبى بسيط: قدم للشعب «ميثاقا» بالمساواة بين جميع المواطنين ولا ميزة لأحد إلا بعمله، قدم «الميثاق» لحماية الشعب، كل الشعب، من اللصوص والشطار والفهلوية والمرتشين وقطاع الطرق والأرزاق وقل لنا ما لم تقله لـ«جروب المنتفعين فى كل العصور» من أنك لم ولن يكون لك بطانة سوء، قلها لنا فى «الميثاق» وسوف نصدقك لأنك منذ أن أعطيت اللصوص الإنذار النهائى بـ48 ساعة لم تكذب ولم تخذلنا.