بدأت أمس فى قراءة كتاب «سراديب السلفيين - محاولة لفهم الحالة السلفية» للباحث ماهر فرغلى، وأستكمل.
يستعرض الكتاب، خارطة السلفيين وملامحهم، والتمايزات بين المدارس السلفية المختلفة، وزحفهم جغرافيا، والأسباب التى أدت إلى تخليهم عن العمل التنظيمى، ويجملها السلفيون فى العائق الأمنى بما يجره من اتهامات وملاحقات، ويتحدثون عن أن ظروف النشأة لديهم تختلف عنها لدى الإخوان، فبينما أتاحت نشأة الإخوان القديمة فرصة أكبر من أجل تنظيم صفوفهم وترتيب وظائفهم وواجباتهم والتزاماتهم الإدارية، لم تكن نشأة السلفية تسمح بذلك، وفى حين تمثل قضية «السمع والطاعة» عاملا رئيسيا فى الانضباط التنظيمى لدى الإخوان، يعول السلفيون على تقديم الدليل الشرعى، والنظرة الإسلامية الأصيلة للعلماء والدعاة من حيث احترامهم وتوقيرهم، مما يجعل حبهم وطاعتهم لازما من لوازم التعاون على البر يقوى البناء الروحى بين عناصر الحركة، وإن كان يلغى الارتباط التنظيمى أو على الأقل يضعفه.
زحف السلفيون بهدوء إلى المحافظات فى سنوات حكم مبارك ليحتلوا مكانة الإخوان من حيث عدد الأتباع والمساجد، وفى محافظة الدقهلية زادوا بصورة كبيرة، وأصبح لديهم مكان يجمعهم فى كل قرية وهو مسجد يطلق عليه «التوحيد» تلقى فيه الدروس اليومية والخطب للرجال والنساء، وهو ما جعل انتشار اللحى للرجال، والنقاب للسيدات أصبح ظاهرة خاصة فى القرى، ونظرا لعدم وجود تنظيم قوى يجمعهم فقد ظهر لهم قيادات كثيرة ومن أبرزهم الشيخ محمد حسان «ابن قرية دموه مركز دكرنس»، والشيخ محمد الزغبى، والشيخ مصطفى العدوى، والشيخ الدكتور أحمد النقيب، والدكتور حازم شومان، والدكتور على يوسف، والشيخ حسن أبوالأشبال، والشيخ شريف طه، ويذكر الكتاب أن تعدد هؤلاء المشايخ جعل لكل شيخ طريقته ومنهجه وأتباعه.
يمكن القول إن ما يذكره المؤلف حول أن تعدد المشايخ جعل لكل شيخ طريقة ومنهجا وأتباعا هو من أهم المفاتيح لفهم الحالة السلفية فى قوتها وضعفها، وفى تعدد الاجتهادات الصادرة عنها، ومسألة عملها السياسى، فالجمهور السلفى لم يكن يتبع تنظيما ولا جماعة، وإنما يتبع شيوخا، فلكل شيخ مريدون، وبناء على ذلك يبقى «الشيخ» هو صاحب الفعل المؤثر فى المريدين التابعين له، وبالطبع فإن الانتقال إلى حالة تنظيمية مؤسسية يحتاج إلى وقت طويل تتغير فيه القناعات، وتتحرر العقول، ويقود ذلك إلى القول بأن الأحزاب السلفية مثلا مرهونة على هؤلاء الشيوخ، فالشيخ الذى يرفض العمل الحزبى سيتأثر مريدوه بوجهة نظره، وعلى سبيل المثال سنجد أتباع الشيخ أبوإسحاق الحوينى يشكلون رؤيتهم نحو العمل الحزبى طبقا لرأى الشيخ الذى يقول: «إن العمل الحزبى هو مهلكة للدعاة إلى الله تعالى».
يتحدث المؤلف عن الخارطة الجديدة للسلفيين، متوقعا أن تتغير فى الفترة المقبلة، وأن دورة السلفية التى خاضتها بعد سقوط مبارك، ووصلت إلى أقصى مستوياتها من المد والانتشار، ستؤدى حتما إلى تغيير كبير، ووجود كيانات جديدة تحل أو تتوازى مع الكيانات التقليدية القديمة، ومما يؤكد على تغيير الخريطة السلفية مستقبلا هو نشأة ما يسمى بـ«التيار الثالث» وتحت مظلته حركات فرعية مثل الجبهة السلفية، وحركة طلاب الشريعة، وتيار الإسلام الجديد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ابن بطوطة
كلهم شيوخ نصابيين مثل البلكيمي وونيس
عدد الردود 0
بواسطة:
صوت الحق
السلفية لا تقل خطرا عن الإخوان
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عزب
معنى السلفية