اليوم يصادف الذكرى الـ62 لثورة 23 يوليو 1952 المجيدة، وربما تأتى ولمرات نادرة أن يتصادف يوم الذكرى فى نفس اليوم الذى أعلن فيه الضباط الأحرار بقيادة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بيان الثورة على النظام الملكى فى الساعة السابعة صباحا من يوم الأربعاء 23 يوليو 52.. ولعله بشرة خير لنجاح مصر فى تحقيق أهداف ثوراتها فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية وبناء وطن قوى، مثلما نجحت ثورة يوليو فى بناء مجتمع الحرية والعدالة الاجتماعية والتنمية المستقلة.
تأتى الذكرى وثورة يوليو مازالت هى أيقونة الثورات المصرية على مر التاريخ، فهى الثورة الأم شعلة الإلهام لكل ثورات الشعوب الطامحة نحو العدل والحرية والبناء والتنمية. 23 يوليو كلما مرت السنوات وكلما مرت الأزمات تزداد حضورا فى قلوب المصريين والشعب العربى من محيطه إلى خليجه، فهى الثورة الخالدة بزعيمها فى قلب التاريخ المصرى كقرص الشمس المتوهج الذى يرنو إليه التواقون إلى النور والعدل والأمل فى وطن بملك إرادته ومصيره ومستقبله بأيدى أبنائه وحكامه، وطن غير قابل للتبعية والإذلال والانكسار مهما تكالب عليه الأعداء والخونة فى الداخل والخارج. هى الثورة الخالدة مع النيل والهرم، فقد قامت ووجدت ثورة يوليو لتبقى – كما قال زعيمها وبطلها الخالد جمال عبدالناصر -لأنها تعبير عن إرادة الأمة وحقها بالحياة الحرة الكريمة.
تأتى الذكرى ومصر والعالم العربى يمر بظروف بالغة الدقة والصعوبة.. ظروف مصيرية تهدد وجود الدول الكبرى فيه وتعرضه للتقسيم والتشرذم، فى سوريا والعراق وليبيا واليمن، وتتعرض مصر لأقصى أنواع الخيانة والمؤامرة. والقضية الفلسطينية فى مهب الريح والعدو الصهيونى يدك غزة ويزهق أرواح المئات من الشهداء الأبرياء.
وسط هذه الظروف الصعبة والتحديات والمخاطر تهل ذكرى 23 يوليو لتعيد بصيص الأمل فى تجاوز تلك المحن باستعادة أيام العزة والكرامة الوطنية والدفاع عن وحدة الوطن ضد المؤامرات ومخططات التقسيم التى بدأت عجلة دورانها على الأرض العربية الآن، لذلك تظل ثورة يوليو لأفكارها وبأهدافها الستة وإنجازاتها العظيمة فى الداخل والخارج هى الثورة المخلصة لكل من يريد الخلاص، بالإرادة والتخطيط والعقل وليس بالعشوائية والمغامرة والانتحار.
نحتفل بالذكرى ومصر تمر بمرحلة مخاض سياسى واجتماعى واقتصادى صعبة بعد ثورة 30 يونيو، لكنها قادرة على الخروج منها منتصرة، مثلما خرجت من مرحلة الاستعمار والذل والهوان إلى آفاق الحرية والإرادة والكرامة مع ثورة 23 يوليو.