الخسة والنذالة والغدر الإجرام والغلظة والقسوة والدناءة الوضاعة والصفاقة، مفردات تعجز مجتمعة على وصف شخص يخطط ويتدرب على قتل جنود يقومون بعمل نبيل من أجل وطنهم، ومتى مع أذان المغرب فى شهر رمضان فى الصيف، يقتلونهم غدرا وهم يشقون ريقهم لأن الصوم لله، من أى خرابة فى التاريخ الإنسانى جاء هؤلاء، من أى زمن؟، تحاول أن تجد مبررا واحدا يدفع شخصا لقتل شخص لا توجد بينهما سابق معرفة؟، كنت مجندا فى سلاح حرس الحدود منذ ثلاثين عاما ولمست قسوة الجغرافيا والغياب عن الأهل فى رمضان ونشفان الريق والخطر الذى لا تعرف أبدا من أين يأتى؟.
أعرفهم وربما تحدثنا معا عن المصير الذى ينتظرنا فى الخارج، فى الملكية، بعد أن ننهى خدمتنا الإلزامية والتى يسعدنا تأديتها، أثناء الخدمة وفى التفاصيل الصغيرة ومع الوقت تشعر أن زملاءك تحولوا إلى أقاربك، ما الذى سيكسبه قاتل فى تخلصه من هؤلاء، وما هو سر الشعور بالانتصار عند هذا الكائن الذى لا يظهر ملامحه؟، أنت أمام خلل فى البشر، فى نوع من البشر غير معنيين بالنيران التى ستشتعل فى قلوب الأمهات والآباء والأشقاء، والذين لم يتورطوا فى صراعات على السلطة أو الثروة، مجزرة الفرافرة جعلت الحوار مستحيلا وجعلت الصراع واضحا لا يحتاج تأويلا، عدم الثأر لهؤلاء خيانة للوطن وللإنسانية، لا بد وأن يعرفوا وهم فى القبر أن وراءهم أمة عظيمة لن تقبل بإهدار دم جنودها الذين ذهبوا إلى الصحراء لحماية معنى كبير غامض اسمه التراب الوطنى.. ولم تكن هناك حرب.