حنان شومان

خطايا الدراما الرمضانية

الجمعة، 25 يوليو 2014 09:59 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اعتدت منذ سنين كما كل النقاد والصحفيين فى مصر أن أقدم رصداً نقدياً للأعمال الرمضانية بشكل أسبوعى على مدى الشهر الكريم، ولكنى آثرت هذا العام أن أصوم عن الكلام أو الكتابة على مدى الشهر الكريم، وأن أؤجل الأمر للأسبوع الأخير، بعد أن تكون الرؤية للأعمال الفنية التليفزيونية قد اكتملت، ولا فرصة فيها لملحق أو حديث، وهو حق لصُناع الأعمال الذين يتهمون النقاد بالإسراع فى النقد والتحليل بعد الحلقات الأولى، ويقولون انتظروا فهناك المزيد، وهم على حق، فقد يكون المزيد قبحا أو جمالا وقيمة تستحق المتابعة، وكذلك إرجاء الكتابة حق للقارئ والمشاهد الذى يهتم بمتابعة بعض أو أغلب الأعمال بعد رمضان، فيستطيع أن يتلمس من هنا وهناك وجهة نظر متكاملة فى الأعمال الرمضانية التى تستحق المتابعة أو تستحق الهجر.

الخطيئة الكبرى:

بُحت الأصوات وتعبت الأقلام من المطالبة بعدم قصر الدراما المصرية والعربية على شهر رمضان، ولكن بلا طائل ولا مجيب، وكأن صناع الدراما مصرون على وأدها وقتلها أمام سطوة الإعلان، ويسيرون رويداً رويداً لكى يهلكوها تماماً أمام الدراما التركية والمكسيكية وغيرهما، فهم يلعبون لمدة شهر واحد ويتركون الملعب لمدة 11 شهرا للدراما الوافدة، يتخمون المشاهدين فى شهر واحد بأعمال يستحق بعضها أن يكون درة عرض ومنافسا للوافد، ولكنهم يرتضون عيشة العشوائية لمدة شهر، ثم ينامون بقية العام وينهضون قبل رمضان بشهور قليلة، وهكذا بلا رؤية لصناعة تتكلف المليارات، وتأتى بمليارات، والأهم أنها ذات تأثير ثقافى وأخلاقى ونفسى.

الخطيئة التاريخية والدرامية:

تمثل «سرايا عابدين» الخطيئة الدرامية والتاريخية متكاملة الأركان، بل هو خطيئة اقتصادية كذلك، كنت من أكثر المتحمسين لهذا المشروع الفنى قبل رؤيته، فقد كنت أراه صورة معبرة ومطلوبة من التعاون الفنى العربى الذى نتمناه، فالكتابة كويتية، والتمويل سعودى، والإخراج والتاريخ مصرى، والتمثيل يضم كل أقطار الوطن العربى، من سوريا ومصر والمغرب ولبنان والأردن، بمعنى أنه مشروع فنى يحمل اتحادا قويا، فإذا بالحلم فى اتحاد عربى يتحول إلى كابوس يجعلنى أقول ليتهم ما اتحدوا، فالمسلسل الذى يحمل عنوان حياة الخديوى إسماعيل لا علاقة له بالحد الأدنى من التاريخ العظيم لهذا الحاكم الذى يُعد واحداً من ثلاثة حكام نعيش على إنجازاتهم فى العصر الحديث، محمد على، وإسماعيل، وعبدالناصر، فإذا بالرجل الذى حلم وسار فى أن يجعل مصر قوية حديثة بعلمها وحضارتها يحوله مسلسل إلى رجل لا يبرح غرف النوم، ويتنقل فى الليلة الواحدة بين النساء. أما الخطيئة الدرامية فهى لغة الحديث التى تدور فى المسلسل، فحين يقول أحد الشخصيات على آخر إنه غلس، فتلك مصيبة درامية لأن لغة أهل القرن التاسع عشر لم تكن فيها غلس، ولم تكن خادمات القصور تتحدث بالعين والحاجب كما قدموا لنا الخادمات، فالمسلسل كاذب وجاهل بالتاريخ من أول الخديوى حتى أصغر خادم فى قصره، ويتحمل تلك الخطيئة الكاتبة والمخرج عمرو عرفة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة