ذهب تاجر لوحات مشهور إلى بيكاسو ليتأكد أن اللوحة التى بين يديه وعليها توقيع الفنان العظيم حقيقية، نظر بيكاسو بسرعة وقال بحسم «إنها مزيفة»، كان الرجل متاكداً أنها تخصه، بعد فترة عاد إليه بأخرى، وكان رد الموهوب الكبير مماثلا للرد الأول، فقال التاجر إنه شاهده وهو يرسمها وإنه متأكد أنه صاحبها، فرد بيكاسو بحسم «إنها لوحة مزيفة وأنا أحيانا يطيب لى أن أرسم لوحات مزيفة»، كتب بعض المهتمين بأعمال الفنان كلاماً من قبيل، أن مثل هذه الإجابة السريعة المقتضبة وغير المتوقعة تمثل قمة الإبداع، فهى تعنى ضمنا ودون الاعتراف بصراحة، أنه حتى الفنانون العظام يمكن أن يرسموا لوحات أدنى من المستوى المعروف عنهم، وأن بعض أعمالهم تعتبر فى نظرهم هم أنفسهم أعمالا من الدرجة الثانية، ولا تعبر عن نظرة أصيلة ملهمة بحيث تبدو كما لو كان الذى رسمها شخص آخر يحاول أن يقلد أسلوب وطريقة الفنان الأصلى، وأن الإجابة السريعة تعنى أن بيكاسو لم يكن مقتنعا أنها تعبر عن قدراته.
لا أحد يستطيع التأكد من المغزى وراء إجابة بيكاسو الذى لن يبيع لوحة لم يقتنع بها، والذين قرأوا مذكرات فرانسواز زوجته عنه لن يصدقوا تلك التبريرات، هذه الحكاية لا أعرف لماذا ظهرت أمامى وأنا أستعد للكتابة عن العيد، الشىء الوحيد غير المزيف الذى أصبح الكبار يحتاجونه أكثر من الأطفال الذين خلقت الأعياد لهم، لأننا نشعر بعيداً عنه أننا مفردات مبعثرة فى لوحة مزيفة، موزعة بين العمل والشارع والبيت، والخطاب الرسمى يجزم أنها أصلية.