عزيزى القارئ ربما تتفق أو تختلف معى فى موقفى تجاه تجسيد شخصية الزعيم جمال عبد الناصر فى المسلسل الرمضانى الذى يعرض على عدة قنوات فضائية وأرضية هذا العام.
بما أنها ليست المرة الأولى التى تجسدت فيها شخصية جمال عبد الناصر فى عمل درامى سواء كان سينمائيا أو تلفزيونيا. فقد جسد الشخصية منذ ستة عشر عاماً الراحل المبدع دوماً أحمد زكى فى فيلم ناصر ٥٦، حيث تفوق على نفسه وأقنع المشاهد بحرفيته المعتادة وفنه الرفيع، بأنه يرى ويسمع ويتفاعل بحق مع زعيم الأمة جمال عبد الناصر.
وبما أن الفنان الموهوب المتمكن من أدواته لا يُشترط أن يكون شبيهاً بالشخصية التى يجسدها، فقد استطاع أحمد زكى أيضاً أن يتجاوز الفارق الكبير والتناقضات الشكلية الواسعة بينه وبين ناصر، فقد كان رحمه الله قصيراً، نحيفاً، أسمر البشرة، لا يشبه عبد الناصر بأى شكل من الأشكال!
لكنه استطاع بأدائه ونظرات عينيه أن يستلهم روح الشخصية ويغوص فى أعماقها، فكانت النتيجة هدفاً صائباً من أهدافه المتعددة.
أما للأسف ما نراه بعد قرابة عقدين من الزمان ما هو إلا تدن واضح لا يخطئه أحد فى معظم الدراما التليفزيونية بشكلٍ عام. وفى مسلسل يجسد شخصية عبد الناصر بشكل لا يليق بشكلٍ خاص.
لا أدرى على من أُلقى باللوم، على منتج العمل أم مخرجه أم مؤلفه؟
هل نضبت مصر من فنانيها ذوى المواهب الراقية حتى نضطر إلى الإستعانة بفنان غير مصرى، وبالتالى لا تخلو حواراته من اللكنة غير المصرية وإن حرص واجتهد؟
وعلى غير العادة، فبالرغم من أننى عادة ما أتجنب الانجراف خلف وابل المسلسلات الرمضانية التى لا أقوى على استيعاب الحكمة من كثافتها والدفع بها كلها فى شهر رمضان تحديداً، فقد دفعنى الفضول لمشاهدة الحلقات الأولى من مسلسل يجسد شخصيتى عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر، نظراً لأهميتهما التاريخية.
ولكن سرعان ما استاءت أذناى من اللكنة الواضحة التى تعصف بأى مصداقية للشخصية، وتغلق جميع قنوات التواصل بين الممثل والمشاهد، ناهيك عن الأداء الضعيف البعيد كل البعد عن طلة وهيبة جمال عبد الناصر!.
وبما أنه دوماً لا يصح إلا الصحيح: فيا أهل هذه الصناعة المهمة التى كانت سابقاً تشارك مشاركة فعالة فى تشكيل وجدان المصريين، لا تجعلوا رموز مصر عرضة للعبث والتشويه.