الصورة التى رأها الملايين أول أمس للرئيس السيسى وهو يقوم بإيداع تبرعه من راتبه وميراثه الخاص لصالح صندوق «تحيا مصر» فى إحدى فروع البنك الأهلى المصرى فى مصر الجديدة، فسرها البعض أنها رسالة واضحة وقوية لرجال الأعمال، والقصد منها أن الرئيس هو البادئ بنفسه وهو المتبرع الفعلى الأول وهو الذى ذهب ليقف فى طابور المودعين أمام موظف البنك فى مشهد لم يعتاده ويألفه كثيرون من رئيس مصر الذى رأه البعض طوال 40 عاما الحاكم المقدس نصف الإله على الأرض، فإذا بهم أمام رئيس من نوعية مختلفة يمشى فى الأسواق ويأكل الطعام ويقف فى طوابير البنوك ويخاطب الناس ويصارحهم بالحقائق ولا يدير لهم ظهره ويجعل أذنيه واحدة من طين وأخرى من عجين. رسالة «الرئيس والبنك» قد تكون موجهة للجميع بأن الشعب بكل فئاته والرئيس فى سفينة واحدة تحاول الوصول إلى شاطئ الأمان وسط أمواج عاتية ومخاطر كثيرة، وعلى الجميع أن يتكاتف ويتوحد على قلب رجل واحد لإنقاذ السفينة حتى ترسو على شاطئ الأمان والاستقرار والتنمية والرخاء. ولكن ربما تكون الرسالة تستهدف الفئة التى طالبها الرئيس فى خطاباته وكلماته فى المناسبات العديدة بالوقوف إلى جانب مصر فى الأزمة الاقتصادية الطاحنة الحالية، مع التأكيد على عدم اتخاذ إجراءات استثنائية ضد رجال الأعمال، إنما عليهم مسؤولية وطنية تجاه مصر والتفاعل مع الأفكار والمقترحات الخاصة بدعم الاقتصاد المصرى مثل صندوق تحيا مصر الذى يريد الرئيس السيسى أن يصل حجم التبرعات فيه إلى 100 مليار جنيه أو أكثر بإقبال رجال الأعمال بالتبرع فيه.
أظن أن الرسالة قد وصلت إلى رجال الأعمال من الرئيس بعد وقفة البنك ولن تطول الاستجابة التى نريدها عبارة عن تعاون حقيقى فى إنجاز خطط التنمية وفقا لخطة الحكومة فى مشاريع البنية الأساسية وتطوير الصحة والتعليم والعشوائيات. هذا هو المطلوب الآن من رجال الأعمال، المشاركة الحقيقية فى مشروعات التنمية بعيدا عن نظرية « دعه يسرق دعه يمر» التى كانت سائدة طوال السنوات الماضية ولم يحصد ثمار التنمية الوهمية فى الماضى سوى عشرات من رجال الأعمال وأصحاب النفوذ والسلطة، فالمرحلة الحالية لن تسمح باستدعاء واستحضار الماضى، والتعاون أفضل بالتأكيد من الصدام الذى لا يتمناه أحد بين رجال الأعمال والدولة، خاصة أن إشارات إيجابية من اتحاد المستثمرين المصريين تبشر بأن القادم أفضل فى العلاقة بين الجانبين.