«فى مرحلة التدقيق وقراءة المسودة، اشطب بقدر الإمكان كل الصفات والأحوال التى وضعتها فى الجمل، عندما تريد أن تقول إن الرجل جلس على العشب، اكتب الرجل جلس على العشب.. إنها واضحة، لا تشوش انتباه القارئ، لكن أن تكتب: الرجل متوسط الطول ذو اللحية السوداء الطويلة والعينين الحادتين جلس على العشب الأخضر الممتد تحت شمس الصباح والمخضب بقطرات الندى التى فى طريقها للتبخر، فهذا تشويش لعقل القارئ لا يستطيع استيعابه بسرعة».. هكذا نصح أنطون تشيكوف أحد كتاب زمانه. وكتب هيمنجواى لأحد المبتدئين: «اكتب جملًا قصيرة وسريعة الإيقاع، ولا تحاول أن تكتب مثل شكسبير». يتم استدعاء الكاتبين فى اللحظات التى يكون التعبير الواضح البسيط النافذ صعبًا مثل هذه الأيام، والتى نسأل فيها أنفسنا: لماذا نكتب؟، رولان بارت يجيب:
أكتب لأن الكتابة تخلخل الكلام، وتهز الأفراد والأشخاص، وتقوم بعمل نعجز عن تبين مصدره.. أكتب كى أحقق موهبة، وأنجز عملًا مميزًا، وأحقق اختلافًا، وأحدث فروقًا.. أكتب كى يُعترف بى، وأُكافأ وأكون موضع حب واحتجاج وتأييد.. أكتب كى أنجز مهام أيديولوجية، أو ضد الأيديولوجيا.
أكتب إرضاء لأصدقاء، ونكاية بأعداء.. أكتب إبداعًا لمعان جديدة، أى لقوى جديدة، للتمكن من الأشياء بطريقة جديدة، ولخلخلة تسلط الدلالات والعمل على تغييره.
وأخيرًا، أكتب إثباتًا للقيمة العليا لفعالية تعددية لا دوافع من ورائها.. معظم الكتابة هذه الأيام غير مقنعة، لأن الكتاب الحقيقيين غير مسموح لهم بالخروج إلى الناس لطمأنتهم على الكتابة.