إلى وقت قريب كان نجوم الفضائيات حريصين على التذكير الدائم بمشاركتهم فى الثورة، وكانت ترتسم على وجوههم ابتسامات شجية، توحى للمشاهد بأن الشخص الذى يتحدث الآن وضع رأسه على يديه من أجل الوطن.. كانت قناة «الجزيرة» هى صاحبة الفضل فى اكتشاف عدد لا بأس به من ثوار الفضاء الذين أصبحوا فيما بعد أصحاب برامج ومنظمات مجتمع مدنى.. لم يكن فى التحرير قادة، كان الناس العاديون هم أصحاب الفضل.. الزعماء الذين ربطوا مع القنوات كانوا يظهرون كل ثلاثة أو أربعة أيام مخفورين بالكاميرات ليعلنوا عن ثوريتهم.. كانوا قد تأكدوا أن مبارك لم يعد له مستقبل، وأن الشعب حسم الأمر.. كل واحد منهم نشأ وترعرع واستثمر فى كنف كفيل من نظام المعزول.
وكان ضروريًا الانتقال إلى المشهد التالى برشاقة.. عدد الذين خاطبوا الناس منذ خمسة أعوام حوالى ثلاثين، بالمذيعين والضيوف والمتصلين والسلاطات وكله، غار الإخوان وبقى هؤلاء فى المشهد يتحدثون فى كل شىء، فى الضبعة وسد النهضة والإرهاب والأمن القومى والمؤامرات والقانون.. تم حصار المتخصصين فى كل المجالات لتثبيت المشهد، تم اختزال نخبة تسعين مليون مصرى فى الأسماء نفسها، وخفت الكلام عن الثورة الأم التى كانت «قدم السعد» على نصفهم على الأقل.. التليفزيون الحكومى ضاع فى الزحمة لأن رجال أعمال مبارك اختاروا من يدعمونه بإعلاناتهم فى قنوات زملائهم أصحاب القنوات التى صرح لها صفوت الشريف.. التطاول على يناير بات ممنهجًا، ولم يعد لبرامج زعماء الفضاء معنى، لم يشعر بغيابهم منذ شهر ونصف أحد.. يعودون الآن.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة