بقرار حكم المحكمة الإدارية العليا حل حزب جماعة الإخوان المسلمين الحرية والعدالة تعود معضلة الإسلاميين للبروز مرة أخرى فى علاقتهم بالنظام السياسى المصرى. كانت جماعة الإخوان المسلمين قد عرفت لأول مرة فى تاريخها تأسيس حزب سياسى لها، وقد كانت من قبل قبلت بفكرة الحزب السياسى وطرحت له برنامجا ناقشه المثقفون، بيد أنها كانت لا ترغب فى التقدم بأوراقه للجنة شؤون الأحزاب لأنها كانت سترفضه لأنها لجنة إدارية لم يعرف عنها فى عصر مبارك أنها قبلت أى حزب سياسى تقدم إليها. وبعد ثورة 25 يناير كانت جماعة الإخوان بحكم قدرتها التنظيمية أولى القوى السياسية الإسلامية التى أسست حزبا سياسيا لها، وجرى قبوله من لجنة شؤون الأحزاب، التى أصبحت تقبل بتأسيس أحزاب جديدة طالما كانت مستوفاة لشروط التأسيس. ترأس مرسى حزب الحرية والعدالة الجديد الذى صار له برنامجه السياسى، والذى شارك فى البرلمان بمرشحيه، واستطاع أن يسجل حضورا فى أول انتخابات برلمانية بعد الثورة، كاد يقارب نصف عدد مقاعد البرلمان، وجاء رئيس البرلمان سعد الكتاتنى من الكتلة الأكبر، وشهد الناس الجلسة الأولى للبرلمان وفيها تنوع إسلامى داخل البرلمان لم تعرفه مصر فى كل تاريخها.
كان هناك حزب الوسط الذى وافقت لجنة شؤون الأحزاب عليه بعد الثورة، وكان قد تقدم بأوراقه مرات عديدة من قبل فى عصر ما قبل الثورة، وكان هناك حزب النور الوافد السلفى الجديد للحياة السياسية، والذى ضم تحالفا سلفيا شمل حزب البناء والتنمية حزب الجماعة الإسلامية، وحزب الأصالة الذى عبر عن قطاع سلفى متأثر بالداعية محمد عبدالمقصود، هذا التنوع الإسلامى فى البرلمان لم يلبث أن توارى مع قرار حل أول برلمان منتخب بعد الثورة. كان فوز مرسى بالرئاسة، والسعى للتواصل مع القوى الإسلامية المتنوعة والمختلفة مع الإخوان سبيلاً لاعتبار أن هذا التنوع والتعدد يجب أن يتوارى، من أجل موقف إسلامى موحد، من أجل سيطرة الإسلاميين على الدولة من ناحية خاصة مع الشقاق الكبير الذى حصل مع القوى المدنية والعلمانية، وكانت تلك الأحزاب الإسلامية تصدر عن موقف واحد فى اللجنة التأسيسية لعمل الدستور، وفى الوزارات المختلفة المشكلة للحكومة، وفى الموقف من الوصول لحلول وسط مع التيارات الأخرى السياسية المختلفة مع الإسلاميين، بل وفى طريقة التعاطى مع القوات المسلحة، وفى طريقة توزيع المناصب فى المواقع المختلفة للدولة.
مع رفض الرئيس مرسى لعمل انتخابات رئاسية مبكرة والتى طالبت بها حركة تمرد، وتمسكه بالشرعية ووقوف الإسلاميين خلفه كقوة واحدة، توارت خلافاتها لتصدر عن موقف واحد فى مواجهة ما اعتبروه معركة فاصلة من أجل السيطرة على الدولة المصرية، بدا أن فكرة الحزب الإسلامى الذى يعبر عن قوة اجتماعية وسياسية، وتيار فكرى حقيقى، وبرنامج يناضل من أجله لم تكن واضحة بقوة لدى الأحزاب الإسلامية التى سارعت بالانضواء وراء الموقف الإخوانى، وبدت الأحزاب السياسية الإسلامية وكأنها حزب واحد أو أنها تحولت لحركات اجتماعية وليست أحزابا سياسية. مع قرار حل حزب الحرية والعدالة المعبر عن الإخوان المسلمين، والذى بدا أن بقاءه دون حل يفتح بابا لإمكانات حوار بين الدولة والجماعة، وبين كل القوى الإسلامية المتحالفة معها، يبدو أن أبواب الحوار تلك يتم إغلاقها، فالدولة المصرية ونظامها السياسى الحالى ماض نحو المواجهة مع الجماعة إلى آخر الشوط والمدى، وبحل الحزب تبدو الديمقراطية فى مصر قد خسرت إمكانية دمج الإسلاميين فى النظام السياسى، كما خسرت فرصة ممكنة لتحول ديمقراطى.
يبقى حزب النور وهو يواجه كل يوم بحملة ضده لإغلاقه، كما تبقى بقية الأحزاب المتحالفة مع الإخوان، ولا يبدو فى الأفق إمكانية لاستمرار تلك الأحزاب فى الوجود السياسى مع استمرار تحالفها مع الإخوان وعدم اعترافها بحركة 30 يونيو، وهنا نعود لنقطة الصفر فى علاقة الدولة المصرية بمعضلة التعامل مع الإسلاميين، التيار الإسلامى بشكل عام موجود ولابد له من حزب يعبر عنه، وصوت يمثله فى الحياة السياسية، وإلا صرنا بإزاء دولة لا تعبر عن كل مجتمعها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة