محمود درويش يكشف أسرار غزة، الشاعر لا يموت لأن الكلمة لا تموت، وغزة لا تموت لأنها «تملك جدارة الحياة».
فى نص «درويش»: «صمت من أجل غزة»، سنعرف لماذا كل هذه الوحشية الصهيونية المعتادة ضد «مدينة فقيرة صغيرة، لكنها «أجملنا وأصفانا وأغنانا وأكثرنا جدارة بالحب»؟.
لو سألت: ما الذى تملكه غزة لتواجه به عدوا وحشيا أدمن التدمير ومبتهجا بأحلامه، مفتونا بمغازلة الزمن؟، سيجيبك «درويش»: «لحم غزة يتطاير شظايا قذائف، لا هو سحر ولا هو أعجوبة، إنه سلاح غزة فى الدفاع عن بقائها وفى استنزاف العدو، غزة جزيرة كلما انفجرت وهى لا تكف عن الانفجار، خدشت وجه العدو، وكسرت وجه العدو، وكسرت وجه أحلامه، وصدته عن الرضا بالزمن».
لو سألت: ماذا يفعل الزمن مع أطفال غزة كلما صب العدو عليهم قذائفه؟، سيجيبك «درويش»: «الزمن هناك لا يأخذ الطفولة إلى الشيخوخة، ولكنه يجعلهم رجالا فى أول لقاء مع العدو.
لماذا يكرهها العدو حتى القتل ويخافها حتى الجريمة، ويسعى إلى إغراقها فى البحر أو فى الصحراء أو فى الدم؟، هذا سؤال نشتقه بنفس الكلمات من «محمود درويش» الذى يجيب: «غزة لا تتقن الخطابة، ليس لغزة حنجرة، مسام جلدها هى التى تتكلم عرقا ودما وحرائق».
ونشتق نفس كلماته لنحولها إلى سؤال: «لماذا يحبها أقاربها وأصدقاؤها على استحياء يصل إلى الغيرة والخوف أحيانا؟، فيجيب:
«لأن غزة هى الدرس الوحشى والنموذج المشرق للأعداء والأصدقاء على السواء».
- هل هى أجمل المدن؟، يجيب درويش: «ليس شاطئها أشد زرقة من شواطئ المدن العربية، وليس برتقالها أجمل برتقال على حوض البحر الأبيض، وليست غزة أغنى المدن، وليست أرقى المدن، وليست أكبر المدن».
- إذن، ماذا تكون؟.
يجيب درويش: «تعادل تاريخ أمة، لأنها أشد قبحا فى عيون الأعداء، وفقرا وبؤسا وشراسة، لأنها أشدنا قدرة على تعكير مزاج العدو وراحته، لأنها كابوسه، لأنها برتقال ملغوم، وأطفال بلا طفولة وشيوخ بلا شيخوخة، ونساء بلا رغبات، لأنها كذلك فهى أجملنا وأصفانا وأغنانا، وأكثرنا جدارة بالحب».
- متى نظلم غزة؟.
يحذرنا درويش: «نظلم غزة لو مجدناها لأن الافتتان بها سيأخذنا إلى حد الانتظار، وغزة لا تجىء إلينا، غزة لا تحررنا ليست لغزة خيول ولا طائرات ولا عصى سحرية ولا مكاتب فى العواصم، إن غزة تحرر نفسها من صفاتنا ولغتنا ومن غزاتها فى وقت واحد وحين نلتقى بها - ذات حلم - ربما لن تعرفنا، لأن غزة من مواليد النار ونحن من مواليد الانتظار والبكاء على الديار».
- هل يمكن أن تستسلم غزة؟.
يجيب درويش: «قد يكسرون عظامها، قد يزرعون الدبابات فى أحشاء أطفالها ونسائها، قد يرمونها فى البحر أو الرمل أو الدم، ولكنها لن تكرر الأكاذيب ولن تقول للغزاة: نعم»، وستستمر فى الانفجار لا هو موت ولا هو انتحار، ولكنه أسلوب غزة فى إعلان جدارتها بالحياة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة