زيارة الرئيس السيسى إلى روسيا ولقاؤه بالرئيس فلاديمير بوتين هى الخبر السياسى الأهم فى العالم الآن، خاصة فى العاصمة الأمريكية واشنطن. جرس الإنذار يدق على أبواب البيت الأبيض.. و«اللمبة الحمرا» مضاءة على أبواب مكتب أوباما وأجهزة مخابراته ومستشاريه.
فهذا أول رئيس مصرى منذ أكثر من 40 عاما لا يهتم بعد توليه منصبه بزيارة واشنطن والتفكير فى إظهار الود والرضا للولايات المتحدة الأمريكية. رئيس يتجه شرقا فى خطوة مدروسة ومحسوبة تماما، فمصر نفضت غمام التبعية، ولم يعد فى مقدورها ترك أوراقها فى يد أمريكا ووضع «البيض كله فى السلة الأمريكية»، فالمحصلة منذ إعلان أن %99 من أوراق اللعبة فى يد أمريكا كانت «صفرا كبيرا» وخسرت مصر كل شىء تحت وهم الوعد الأمريكى بالسلام والرخاء.
مصر تدرك أن واشنطن لم تعد الشريك النزيه أو الصديق الذى يستحق أن تهرول إليه خوفا منه أو طمعا فيه منذ 30 يونيو، فقد أصبحت طرفا رئيسا فى المؤامرة على الدولة الجديدة فى مصر بل الطرف الأصيل مع أذرع صغيرة تنفذ لها ما تريده فى الداخل والخارج، لأنها لم ولن تنسى ما فعلته 30 يونيو وفعله السيسى الذى عرقل المشروع الأمريكى الجديد لتقسيم المنطقة عبر «الإخوان» والأذرع التابعة لها بداية من مصر، ولم تجد واشنطن سوى الضغط بورقة المساعدات ووقف تسليم 11 طائرة أباتشى ظنا أن ذلك سيؤدى إلى التراجع والرضوخ.
زيارة روسيا تأتى فى توقيت محسوب وفى ظروف غاية فى التعقيد فى المنطقة وتساقط القوى الإقليمية الكبرى مثل العراق وسوريا، وتمدد «الفوضى الخلاقة» الأمريكية فى المنطقة وتزايد نفوذ الجماعات الإرهابية المسلحة وهو العدو المشترك لموسكو والقاهرة. الحفاوة البالغة والاهتمام الكبير بزيارة الرئيس السيسى وفى مناسبة مرور 70 عاما على العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين تؤكد أن العلاقات بين البلدين تعود إلى سابق عهدها وينتظرها مستقبل مبشر وواعد كما يؤكد المراقبون فى القاهرة وموسكو. الكل لا ينسى صفقة الأسلحة التشيكية بعد قيام ثورة يوليو بين مصر والاتحاد السوفيتى بعد محاولة واشنطن والغرب خنق الثورة المصرية والجيش المصرى الوليد. ومصر لا تنسى مواقف موسكو فى السد العالى ومصانع الحديد والصلب وإمدادها بالسلاح فى حرب أكتوبر وغيرها من المواقف المشهودة. زيارة السيسى لموسكو درس آخر من القيادة المصرية الجديدة للإدارة الأمريكية بأن الزمن لن يعود إلى الوراء فى علاقة التبعية.