أكرم القصاص

فى بيتنا «داعش»

الأربعاء، 13 أغسطس 2014 07:46 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا تكفى التفسيرات الجاهزة لفك طلاسم تنظيم داعش فقد كان هناك من يفسر الإرهاب بتردى الأحوال المادية أو نقص التعليم والثقافة أو غياب الحريات، وكلها تفسيرات تنسفها تصرفات داعش ودمويتها، أغلب زعماء الجماعات الإرهابية لم يكونوا فقراء أو جهلاء، منهم أثرياء أو متعلمون أطباء ومهندسون بل ومن تخصصات علمية، ومنهم من ترك حياته فى أوروبا وأستراليا ليلتحق بجماعات القتل، لا يعتبرون القتل مجانيا بل أنهم يوظفون الدين لتحويل جرائمهم إلى جهاد، ومن هذا الجهاد قتل الأطفال وسبى وبيع النساء، ليس فقط لاختلاف العقيدة، بل المذهب والملة أو حتى فى الرأى.

مع اتساع مواقع التواصل فيس بوك وتويتر، هناك ظهير إعلامى لداعش، ومتعاطفون بالتصفيق، بعضهم يمكن أن ينضم فى حال ظهورها، وليس لدى كل هؤلاء سببا اجتماعيا أو اقتصاديا.

أحيانا كان البعض ينطلق من فكرة أن الإرهابيين أصبحوا كذلك تحت ضغط القمع والتسلط، وفقدان الحرية، لكن ماذا عن المولود فى أستراليا أو بريطانيا أو إسبانيا وأمريكا وهو يستمتع بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ليجد وقتا للاقتناع بضرورة قتل العالم وتدميره من أجل إسعاده. يوظفون الحرية التى يعيشونها، فى الدعوة لهم لهدم المجتمعات التى منحتهم حمايتها، ولم يذهبوا لمساندة المستضعفين وضحايا القمع، بل للمساهمة فى «مقتلة» بلا نهاية، ضد المستضعفين ليصبحوا معاناة فوق معاناتهم.

صحيح أن الأنظمة المتسلطة على مدى عقود أنتجت بسياساتها تعصبا وتطرفا، لكن زعماء الدم ليسوا من نتاج القمع، ومنهم من ولد وعاش فى مناخ الحريات الذى يثور عليه ولا يخفى رغبته فى تدميره.

الدواعش يبحثون فى القرآن أو الحديث، عن مبررات القتل والتصفية العرقية والطائفية، والبعض يتعاطف مع القتلة ويعتبرهم مجاهدين، وهؤلاء المتعاطفون إن لم ينضموا اليوم، سينضمون غدا، وليس كلهم نتاج القمع.

عندما كتب صمويل هنتجتون، كتابه عن صدام الحضارات يومها قال: إن أغلب إن لم يكن كل الصراعات فى العالم، إما أن طرفيها أو أحد أطرافها مسلم. وكان الرد أن الغرب يريد تخويف العالم من الإسلام، فهل يحتاج الغرب لتخويف العالم أم أن داعش تقدم ما يكفى لتبرير صورة القتل الدينى.

اليوم تنظيم القاعدة يتواضع أمام دموية داعش، والتى يمكن أن تتطور وتتحور لتنتج ما هو أكثر عنفا. وتقدم مبررا للخوف، وربما كانت نتاج أجهزة الخوف فى العالم لتبرير نظرياتهم القادمة للمحافظة على الحضارة من أعدائها.
القتلة هنا ليسوا فقراء، ولا مقموعين ولا جهلاء، فقط ماكينات قتل تجهز المسرح للمشهد القادم.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة