كلماتى.. هى محاولة لفهم خطاب مبارك.. الرئيس الأسبق بدأ كلمته فى محاكمة القرن بـ «سيادة المستشار»، وكررها 3 مرات فى مواقع مختلفة كتأكيد أن الكلمة بالأساس موجهة لهيئة المحكمة دفاعا عن نفسه فى تهمة «قتل المتظاهرين»، إلا أنه لم يذكر واقعة «قتل المتظاهرين» إلا فى الفقرة الحادية عشرة من كلمته وسبقها بـ 10 فقرات يتحدث فيها عن إنجازاته، وحتى ذكره لواقعة «قتل المتظاهرين» جاءت فى 19 كلمة فقط من إجمالى عدد كلمات الخطاب 607، عندما قال: «إن محمد حسنى مبارك، لم يكن يأمر أبدا بقتل المتظاهرين ولم يصدر أمرا بإشاعة الفوضى بل حذر منها».
تجاهل مبارك الدفاع عن نفسه قانونيا بإبراز الثغرات فى الأوراق أو الاستدلال بأقوال الشهود ممن يحسنوا موقفه، يعكس أنه لا يخشى الإدانة من المحكمة فى قتل المتظاهرين بقدر ما يتمسك بالبراءة فى كتب التاريخ، لأنه يدرك أن القاضى لن يحكم بفلسفة تصنيف يناير ثورة أم مؤامرة ولكنه سيحكم وفقا لتقارير الطب الشرعى وتحقيقات النيابة والمجنى عليهم.
اهتمام مبارك باقتناص البراءة فى كتب التاريخ من خلال كلمة يلقيها فى قفص اتهام بالمحكمة ظهر فى تكراره لكلمة التاريخ بموقعين مختلفين وفى انتقاله فى كلمته بين أكثر من محطة تاريخية فى حقب زمنية مختلفة بداية من تخرجه من الكلية الحربية وحتى رئاسة الجمهورية، وظهر أيضا فى اختياره العبارات التى يريد أن يسجلها التاريخ له مثل «التصدى لمراوغات إسرائيل، لم أزر تل أبيب، وقفت بجوار غزة، تحديت الإرهاب، دعمت الجيش، استرديت سيناء».
مبارك أراد أن يكتب تاريخه بنفسه فى كتب التاريخ خوفا من العبث، واستعد لذلك فى كلمته، بالقراءة الجيدة والأداء الرفيع والمظهر اللائق وصبغة الشعر السوداء، لكن تناسى أن الكاميرا التى تسجل له تاريخه على الهواء، سجلت ارتداءه بدلة السجن الزرقاء لأنه محكوم عليه بالسجن المشدد 3 سنوات فى قضية القصور الرئاسية، وهى القضية التى سجلت مبارك فى كتب التاريخ تحت عنوان «الرئيس الحرامى»، فالحيثيات العظيمة للحكم قالت: «مبارك الذى منَّ الله عليه وبوأه حكم مصر لم يكبح جماح نفسه، وأطلق لنجليه العنان فى المال العام يغترفان منه ما يشاء دون رقيب، ولم يحقق العدل بين الرعية واستغل نفوذه فى الحصول على المال العام بدون وجه حق.
بين ما كتبه مبارك لنفسه فى التاريخ أنه قائد عسكرى حافظ على البلاد، وبين ما جاء فى حيثيات القصور الرئاسية التاريخية أن مبارك سرق أموال مصر واستباح خيراتها، فماذا سيكتب التاريخ عن مبارك؟ قائد عسكرى أم حرامى؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة