السيد عبد الوهاب يكتب.. هؤلاء يعيشون فى حياتنا

الإثنين، 18 أغسطس 2014 10:07 ص
السيد عبد الوهاب يكتب.. هؤلاء يعيشون فى حياتنا ميكرفون – أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
امتلأت حياتنا بأولئك الذين أصبحوا لا يغادرون أى مشهد أو حدث، إلا ونشاهدهم أو نسمعهم يتحدثون عن كل شىء وفى أى شىء، وكأنهم أعلم بهذا الشئ عن أهله، تجدهم فى صحبة المقهى أو على صفحات التواصل الاجتماعى أو على شاشات الفضائيات أو فى وسائل المواصلات العامة فهم منتشرون ومتغلغلون فى كل مكان يتبادلون معك الحديث بدون سابق معرفة أحيانًا، ويضطروك إلى الإنصات إليهم أحيانًا أخرى فتجدهم يتحدثون بصوت مرتفع أو بأسلوب فيه من الجذب ما يكفى ليلفت سمع من حوله، يخوضون فى موضوعات بطريقة تُعرف فى ثقافتنا الفلكلورية "كل من هب ودب" فتجدهم يتحدثون فى كل شىء وكأن لديهم من المعرفة أو المعلومات ما لا تملكه أعتى أجهزة المعلومات فى العالم، وهؤلاء هم المدّعون أو "الفتايين" ودعاة التضليل فاجتنب مجالستهم، وتقصى ما تريد أن تعرفه بنفسك من أهل الاختصاص.

وفى خضم الأحداث الكثيرة التى شهدتها مصر خلال الفترة الماضية رغم ارتباكها والتباسها إلا أنها دفعت البعض منا إلى إعادة التفكير والبحث فى معادن الناس ممن حوله، فشرع كل منا فى إدخال بعض التغييرات والتعديلات على دوائر معارفه وأصدقائه طالت أحيانًا دائرة الأسرة والأقارب سواء بالحذف أو بالإضافة إما بسبب الاختلاف فى الرأى أو التعارض فى التوجهات الفكرية أو السياسية، ظنًا منا بأن ذلك قد يساعد على تقليل مساحات الجدل البيزنطى واللغو السيئ، أو على الأقل للحفاظ على ما بقى من عرى الدم وصلة الرحم بيننا، ولكن سرعان ما ندرك أن من طردناهم من دوائر حياتنا لا يزالون يعيشون حولنا يشاركوننا تفاصيل الحياة اليومية الأكثر تعقيدًا وتشابكًا من تلك التفاصيل التى قد يحتويها رأى أو موقف أو سياسة تتغير سماتها بتغييرالأيام والظروف، فهؤلاء المختلفون معنا فى الرأى، لن نستطيع إقصاءهم أو استبعادهم من حياتنا بشكل كامل بل نستطيع التعايش معًا من خلال ضبط أدوات النقاش والحوار معهم.

وبين هؤلاء وأولئك السالف ذكرهم يعيش بيننا المتلونون كالحرباء، أولئك الذين يبدلون جلودهم وأفكارهم حيثما تكون المصلحة والمنفعة الشخصية، فلا مبادئ لهم سوى أينما تكون الرياح تكون دفة السفينة، يتقلبون ما بين أقصى اليمين إلى أقصى اليسار والعكس، يأكلون من كل مائدة، يأخذون منك لغيرك، ويعطونك من غيرك، هم أكثر من يشعل الفتن وأكثر من يجبن وقت المواجهة فلا تراهم سوى خلف الصفوف، يملأون الدنيا ضجيجًا وصخبًا بكلامهم، يمجدون ذواتهم، وينقصون الآخرين قدرهم، أولئك هم أساس البلاء فى كل شىء ومفسدة أى حاكم وأى نظام، فعلينا ألا نضعهم فى منزلة ولا نوليهم من أمر العامة شيئًا.

هؤلاء وغيرهم الكثير يعيشون بيننا يشاركوننا نفس الحياة ونفس الأرض، لن نعرفهم ولن نستطيع استنباط طبيعة شخوصهم إلا بالانخراط فى ثنايا المجتمع ومعايشة كل جزئياته، دون السقوط فريسة للتعميم أو للأحكام السمعية الجزافية.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة