فى 14 أغسطس 2013 تقدم الدكتور محمد البرادعى باستقالته من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية، استقالة بطعم الهروب من المسؤولية فى لحظة من لحظات الوطن الصعبة، ونقطة رمادية جديدة تنضم إلى سجل البرادعى الممتلئ بالعديد من نقاط التردد والهروب والفشل السياسى منذ 25 يناير 2011 وحتى مرحلة « توت وإجرى» التى يعيشها صاحب نوبل الآن من خارج مصر.
مشروع لم يكتمل، تلك حالة البرادعى كما كانت حالة نماذج أخرى ظهرت بعد ثورة 25 يناير واختفت فجأة تحت وطأة الظروف المحيطة، أو بسبب الكسل وتفضيل المصالح الخاصة على مصالح الوطن، أو لأسباب تعود إلى اكتشاف عدم صلاحية بعض الأشخاص لتحميلهم بأحلام شباب وآمال وطن.
البرادعى هو نموذج ذلك الانكسار باقتدار، الفشل المتتالى فى قيادة جماعات وتيارات شابة تعلقت به، بينما هو رد إليهم الجميل موجات فشل متتالية فى الجمع والحشد والتعبئة وعدم قدرته على حماية كيان الجمعية الوطنية للتغيير أو جبهة الإنقاذ من الشتات والضياع، ثم فشل فى تأسيس حزب سياسى قوى، ثم فشل فى تحمل مسؤولية رسمية، ليخرج من سوق السياسة المصرى بلا نجاح يذكر.
ولكن إذا كان البرادعى فاشل سياسيا، فهناك دوما من هو أفشل منه، مجموعة من رموز نظام مبارك ظنت أنها قد تستطيع الدفاع عن نفسها بإلقاء التهم على البرادعى، فإذا بها وبتهمها التى وجهت لصدر الرجل تعيده مرة أخرى إلى المشهد السياسى كفارس مظفر وداهية سياسية قادرعلى تحريك الجماهير بإشارة من إصبعه، وهزيمة دولة مبارك بمفرده.
عملية إحياء فوضوية وعبثية مارسها حبيب العادلى، وحسن عبدالرحمن، ومراد موافى، ورموز نظام مبارك لجثة سياسى مفقود اسمه البرادعى، رحل عن مصر بفشله وعجزه عن الوفاء بوعوده للشباب، فإذا بكهنة نظام مبارك ينفخون فى روحه من جديد ويقدمونه للناس أمام محكمة القرن فى ثوب «السوبر مان» الذى أشعل الثورة وحده، وحرك الجماهير وحده، ونكل بنظام مبارك وحده.
ووصل هوس وزير داخلية مبارك الأسبق بتشويه الثورة إلى وصف البرادعى بأنه حرك جماهير مصر الحاشدة حينما أشار بعلامة النصر يوم 28 يناير، نفس الهوس دفع رئيس جهاز أمن دولة مبارك للتأكيد على أن البرادعى هو صاحب مخطط 25 يناير، ورجل أمريكا الذى حشد الجماهير وحرضهم على التظاهر، ونفس الهوس دفع اللواء مراد موافى مدير المخابرات السابق لوصف البرادعى بأنه مفجر الثورة.
لو أن البرادعى نفسه أراد أن يخيط لنفسه من ذكريات فشله المؤلمة فى مصر ثوبا للمجد لن يقدر على ذلك، ولكنه الغباء ياصديقى، نفس تركيبة الغباء التى كانت سببا فى سقوط نظام مبارك سريعا، بسبب فشل رموز دولته فى حمايته هى نفسها التى تمنح خصمهم الأول البرادعى مجدا لم يدعيه، وشرفا لا يستحقه.
إن أردت أن تعرف كيف كانت دولة مبارك فاشلة وفاسدة، وينطبق على رجالها الكبار القول الشعبى العريق «متآمر وأهبل» انظر كيف أحيوا عظام البرادعى وجعلوا منه بطلا بعد أن كان مجرد رميم!!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة