الخلاف دائما بين المسؤول والمواطن على نصف كوب وليس الكوب كله، الحكومة تطالب المواطن بأن يرى النصف المملوء والمواطن يرى النصف الفارغ، ويبقى الحال على ماهو عليه. ويظل الخلاف قائما ومستمرا بلا نقطة لقاء.
حكومة نظيف وما قبلها فى عهد مبارك كانت تطالب المواطن بأن يرى نصف الكوب الملآن ونسبة النمو المرتفعة التى تخطت %7، بينما المواطن لم يكن يرى ترجمة لنسبة النمو فى حياته، يرى الزحام والفقر وسوء أحوال التعليم والعلاج، كانت هناك مشروعات وتوسع عقارى لايترجم فى شقة للمواطن وأبنائه، ممن يتكدسون فى العشوائيات والأحياء الشعبية. كانت الأرقام الرسمية ونصف الرسمية تشير إلى أن الفقراء فى مصر %55 على الأقل..
نصف الكوب المملوء للمواطن يترجم إلى تعليم وعلاج ومسكن ومواصلات عامة محترمة، وقانون يطبق على الجميع، إذا كانت كان الكوب وإذا غابت فلا كوب ملآن ولا فارغ.
وعليه فإن الظاهر الآن وبعد ثلاث سنوات ونصف من يناير لا تزال نفس المعادلة قائمة، والخلاف قائم، هناك مواطنون يشاهدون ما يجرى ولديهم الرغبة فى التفاؤل، بشرط أن يروا علامة، ونصف الكوب بالنسبة لهم لم يظهر بعد، ربما يرون مشروعات مثل القناة والطرق، يسمعون عن اتجاه لتطوير التعليم والعلاج، حتى يمكنهم الثقة فى النصف الثانى من الكوب. لكنهم يفشلون فى رؤية الكوب وسط ظلام الكهرباء وعجز الحكومة عن تقديم تفسير مقنع. يشاهدون جولات رئيس الوزراء وبعض الوزراء، لكنهم فى الأقاليم والأحياء والمراكز والقرى لايجدون مسؤولا ويعانون من الظلم والفقر والمرض. ولايمكن لرئيس الوزراء أن يزور كل قرية فى المحافظات، وكل حى فى القاهرة ليكتشف أن رؤساء الأحياء لايعملون، وأن الزبالة والإشغالات والبلطجة مستمرة. وأن رئيس الوزراء لايزور دار السلام وعين شمس ليرى بنفسه أن الدولة غائبة والأحياء عاجزة أو متواطئة.
نصف الكوب للمواطن هو نصف الرغيف، وعلاج فى مستشفى، ومدارس حد أدنى، ومكان فى الأتوبيس، وميكروباص منضبط، وتوك توك ملتزم وله قانون، وشوارع بلا إشغالات، ساعتها سوف يستطيع رؤية المشروعات الكبرى، والزيارات الميدانية.
وربما على رئيس الوزراء أن يجرب الزيارات الميدانية للقرى والأحياء ليتعرف بنفسه على رؤساء مدن وأحياء وقرى فاشلين ومفسدين. وسيعرف أن الكوب التانى غائب، ويحتاج إلى إعادة هيكلة. ومهما كانت الموازنات والأرقام، سوف يظل كوب المواطن مختلفا ونصفه فارغا.