الحاجة أم الاختراع، وبفضل انقطاع الكهرباء أصبح المواطنون يحاولون تكييف حياتهم حسب خطط الانقطاع اليومى، وطبعا هناك ناس لايصة وناس هايصة، تحولت الأزمة إلى مصدر ربح وكسب لكثيرين من تجار الشحن، فقد راجت أسواق مولدات الكهرباء، وأصبحت وجبة يومية فى إعلانات الفضائيات للتسويق التليفزيونى، ونجد رجل الإعلانات يبدأ بمقدمة يذكر فيها المواطن بمأساته الكبرى مع انقطاع الكهرباء، وكيف أن حياته أصبحت ظلاما، ولا أمل له فى الحياة، حيث يعيش فى بؤس الظلام.
وبعد المقدمة المأساوية يبدأ المذيع فى تقديم القشة الإعلانية التى يمدها للمواطن، وتنقذه من واقعه الصعب. المعلن يتحدث ليس على أنه يبيع سلعة، لكن على أنه ينقذه من بحار الظلام وغياهب الانقطاع.
ومن هنا تبدأ عروض الإنقاذ بمولدات ذاتية تستهلك القليل من البترول، أو أجهزة شحن تضمن إضاءة لمدة ساعات، ومعها مراوح تعمل بالشحن لمدة 6 ساعات، ناهيك عن الكشافات وخلافه، وشواحن تشحن الشواحن، وكشافات تعيد شحن نفسها.
وبين الواقع والخيال والإعلانات يجد المواطن نفسه متعلقا بقشة، وباحثا عن مخرج، أو جهاز شحن، وطبعا تحولت الأزمة إلى مصلحة، و ظلام قوم عند قوم فوائد.
ومن حق التاجر أو المستورد أن يبيع ويقدم خدمة، بشرط أن تكون حقيقية وليست وهمية، لكن ما يحدث أن بعض الشركات تروج لمراوح بالشحن تزعم أنها تعمل 6 ساعات، بينما هى لا تعمل أكثر من دقائق، ناهيك عن كفاءتها المنخفضة، أو كشافات شحن لا تشحن ولا تعمل أو «تبوظ» بعد ساعات، وهى عمليات تتجاوز التجارة إلى النصب، ويفترض أن تتابع أجهزة حماية المستهلك هذه البضائع، وألا تتحول الأزمة إلى «ظلام وخراب بيوت وجيوب».
لقد أصبحت هناك محاولات من المواطنين للتكيف مع أزمة الكهرباء، والبعض يراهن أو يتمنى أن تطول حتى تتسع «المصلحة»، والمثير أن كميات الكهرباء التى يتم استغلالها للشحن، ربما تكفى من الأصل لإبقاء الكهرباء بلا انقطاع، وهى معادلة تحتاج إلى إجابة من الخبراء، خاصة أن أدوات الكهرباء التعويضية تضيف إلى ميزانيات المواطنين ملايين، يمكنها أن تساهم فى إصلاح الكهرباء، لكن هذا أمر ربما يطول، لأن وزارة الكهرباء عاجزة عن تقديم تفسير مقنع لانقطاع التيار، وكأننا ندفع للتعويض ما يكفى لإصلاح الموجود.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة