يقولون "تحمُّل المسئولية هو طريقك إلى النجاح"، وأيضًا: "الصفة الوحيدة التى تجمع بين الناجحين فى العالم هى قدرتهم على تحمل المسئولية".. نعم فإن الخيط الذى يربِط الإنسان بالوُصول إلى القمة هو قدرته على تحمل المسئولية. وأولى هٰذه المسئوليات هى قدرته على اتخاذ القرارات وتحمل مسئوليتها. ففى طريق الحياة، يمر بالإنسان كثير من الأمور والمواقف التى يجب عليه اتخاذ قرار حيالها. وهناك من يسأل ويعرف، ويفكر بعمق، ثم يتخذ قراراته التى تحركه نحو هدفه، وهناك من يقف على جانب طريق عمره مكتفيًا بانتظار من يقرر له، ويحمله معه نحو القمة! وأعتقد أن هٰذا لن يحدث أبدًا دون هدف يؤمن به الإنسان ويسعى له بنفسه. وهناك من يترك الأمر للآخرين لكى يجد مهربًا من تحمل مسئولية أموره، فيبحث عن آراء من حوله لا لدراسة الأمور بعمق وإنما لعدم قدرته على تحمل مسئولية قراراته، وفى هٰذا يخدع الإنسان نفسه إذ هو الوحيد الذى ستأتى عليه النتائج فى كلتا الحالتين، سواء كان هو من اتخذ القرار، أو كان آخرون قد اتخذوه له.
والشخص الذى يستطيع تحمل المسئولية يتصف بأن لديه هدفًا واضحًا يسعى له، ورؤيةً لما يريد الوصول إليه، والتزامًا نحو هٰذا العمل. وهو أيضًا لا يبحث عن أعذار، أو توجيه لَوم إلى الناس أو الظروف، فى حالة تعرضه للتعثر فى طريقه، بل يبحث عن أسبابه ويعالجها محققًا نجاحًا جديدًا فى حياته، وفى هٰذا يقولون: "تحمَّل المسئولية الكاملة فى كل نواحى حياتك، وتوقَّف عن لَوم الآخرين واختلاق الأعذار".
والشعور بتحمل المسئولية هو أمر يبدأ التدرب عليه من الصغر، فيهدُف الآباء والمسئولون عن التربية إلى غرسه فى أبنائهم وسلوكهم به. والإنسان الذى لا يستطيع تحمل المسئولية، لا يمكنه تحقيق أى شىء آخر. ويجب عليه أن يعى دوره فى تحمل مسئولية نفسه، وأسرته، ومجتمعه، وأنه يَلزَمه الجِد والعمل من أجلهم.
ولكى ينجح الإنسان فيما لديه من مسئوليات، عليه أن يُدرك طبيعة العمل المطلوب منه، وهدفه، والصعاب التى يمكن أن تظهر فى طريقه، كما عليه أن يُخْلص فى العمل، ويكون أمينًا فى أداء تلك المهام. والإنسان الذى أودع فيه الله مواهب وصفات عظيمة، يجب أن يدرك أهمية دوره وعمله من أجل البشر من حوله. فلولا الشعور بالمسئولية، ما كان "ألكسندر فلمنج" ليسعى لتخفيف آلام المرضى والمتألمين فيبذُل الوقت والجهد ليحقق أعظم الإنجازات فى مجال العقاقير الطبية، التى يُعد "البنسلين" أهمها وأشهرها، وما استطاع "أديسون" أن ينير العالم، وما تمكنت "آن سوليڤان" من مساعدة "هيلين كيلر" لتصبح إحدى المعجزات التى شهِدها العالم! إن تحمل المسئولية كامنة فى قلب ذاك الذى يتطلع دائمًا نحو القمم.
*الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة