أصبحت كوريا الجنوبية ماردا اقتصاديا عملاقا بعد أن كانت قبل نصف قرن دولـــة فقيره معدومة تتلقى المساعدات من الدول الأخرى, تعرضت لدمار هائل أثناء الحرب الكورية التى انتهت1953م راح ضحيتها ملايين المدنيين وجرى تدمير العديد من المدن ولكن بعد وصول الجنرال بارك شونج إلى سدة الحكم عام 1961 كان الوضع الاجتماعى والاقتصادى فى أسوأ حال, فقام الجنرال بارك شونج بتحويل دولة كوريا فى أقل من عقدين من دولة من دول العالم الثالث إلى دول متقدمة فى المجال التكنولوجى, فاعتمد فى بداية حكمه على إصلاح النظام الضريبى مما أدى إلى زيادة نسبة دخل الدولة فى ستينيات القرن الماضى إلى 51% وحارب منظومة الفساد القائمة وتوقفوا على تلقى المساعدات الخارجية 1964م وباتوا قادرين على تمويل مشروعاتهم الاقتصادية.
ويعتبر بارك هو بانى الدولة الكورية الحديثة فقد غفر الشعب له ديكتاتوريته بعد تحسن ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية. فالشعب تفرغ للعمل الجاد فتعاون طلاب المدارس والجامعات والجيش فى زراعة جبال كوريا فتحولت من جبال صفراء إلى جبال خضراء واستيقظ الشعب الكورى من الساعة الخامسة صباحا للبدء بالعمل عن طريق أصوات الميكروفونات بناء على طلب الرئيس منهم. تمثل التجرية الكورية أنضج تجارب النمور الأسيوية فعلى الرغم من قلة الموارد الطبيعية وزيادة السكان إلا أن كوريا استطاعت أن تحقق تنمية اقتصادية واجتماعية كبيرة, وأنجزت نهضة ريفية كورية من خلال التنمية المستدامة وخلق قرى تعاونية متقدمة من خلال استغلال الأراضى وتشجيرها وزراعتها وارتفع مستوى الدخل إلى أرقام قياسية ووصل حجم التجارة الخارجية إلى تريليون دولار, رغم أن أكثر من 80% من الشعب الكورى يعمل فى مهنة الزراعة إلا أنه بدأ بالصناعة الخفيفة ثم الانتقال تدريجيا إلى الصناعات الثقيلة والأدوات الكهربائية المنزلية. فقد لعبت اليد العاملة الكورية دورا حاسما فى نجاح التجربة التنموية الكورية فى ظل غياب الموارد الطبيعية وضيق المساحة الجغرافية راهنت القيادة على العنصر البشرى كمورد للتنمية وارتفعت نسبة الإنفاق على التعليم إلى 23% من الميزانية وأولت الدولة الاهتمام بالتدريب والتكوين المهنى وعملت الدولة على ابتعاث عدد كبير من الطلاب والموظفين إلى الخارج ووصل عدد الطلاب الملتحقين فى مجال العلوم والتكنولوجيا إلى 70% من عدد الطلاب.
وعلى مستوى الصادرات جاءت كوريا فى المركز التاسع وأصبحت ثالت منتج لأشباه الموصلات وسادس منتج للسيارات وثامن منتج للأجهزة الرقمية وتاسع منتج للصلب والبتروكيمايات وتحتل كوريا المركز 12 على مستوى العالم.
وتعود قصة النجاح الصناعى فى كوريا إلى عدة عوامل:
1 - التحول من سياسة التصنيع القائم على إحلال الواردات إلى سياسة التصنيع الموجه إلى التصدير.
2 - نمو الصناعات الثقيلة والكيماوية حيث تم العمل على تطوير الصناعات الكيماوية وزيادة مساهمتها فى السلع التصديرية.
3 - التصحيح الهيكلى للقطاع الصناعى حيث قامت السياسة الاقتصادية الكورية على فكرة تحقيق النمو الصناعى المتوزان مع إعطاء الأولوية إلى الصناعات الثقيلة وكثيفة رأس المال وتطوير صناعة المنسوجات والسيارات.
يمكن استخلاص بعض الدروس والعبرة من التجربة الكورية منها الاهتمام بتنمية الموارد البشرية من خلال تأهيل والتدريب العمالة وزيادة الإنفاق على التعليم والبحث العلمى إعطاء القطاع الخاص دورة فى الحياة الاقتصادية و التعاون مع الدول الاكثر تقدما للمساهمة فى النهضة التنموية وتوفير الدعم الحكومى للصناعات الاستراتيجية عند بداية انطلاقها.
إن مصر تمتلك ذخيرة ثمينة من الخبرات وصفوة العقول فى الداخل الخارج ولديهم رصيد لاينفذ من الأفكار غير النمطية التى يمكنها نقل مصر نقله نوعية كبيرة يؤهلها للانطلاق نحو المستقبل بخطى ثابتة ويجعلها الأجدر لقيادة منطقة الشرق الأوسط.
كوريا الجنوبية أرشيفية
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة