د.محمد ممدوح عبد المجيد يكتب: ما أروع هذا الانتماء

الثلاثاء، 26 أغسطس 2014 08:10 م
د.محمد ممدوح عبد المجيد يكتب: ما أروع هذا الانتماء إمام مسجد يخطب - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من أولى وظائف الداعية، بل من أهم واجباته أن ينمى فى مستمعيه حب الوطن، وأن يغرس فيهم تلك الفضيلة عن اقتناع لا عن إجبار أو إكراه، ذلك أن حب الوطن فريضة إسلامية وواجب أخلاقى فى المقام الأول خاصة فى مثل هذه الظروف التى تمر بها مصر ويمر بها وطننا العربى، فى ظل انتشار رائحة الخيانة والمؤامرة لتعم هواء وطننا العربى النقى فتلوثه بسموم لم نعهد مثلها من قبل، وقد تحوله ـ لاقدر الله ــ إلى مصير تأنف منه الأسماع والأبصار والعقول.

والنبى الكريم (ص) يُعلمنا حب الوطن والولاء والإخلاص له، بتجربة عملية مريرة، تجربة قاسية أشد ما تكون القسوة، ومؤلمة أشد ما يكون الألم، فقومه الذين اشتُهر فيهم بالصادق الأمين قبل البعثة، كذبوه بعد البعثه وضربوه، وأذوه، ضرراً لا يقاس بدرجة، وأذى لا يتصوره عقل، ثم بالغوا فى الأذى فوصفوه بأبشع الصفات، تلك التى خلدها القرآن الكريم لتبين لنا كيف كانت معاناة هذا النبى الكريم، وكيف كان صبره، وكيف كان حلمه.

لقد استهزئوا به بادئاً، سخروا من فقره ومن تواضعه، فقالوا "لولا نُزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم"، يحسبون العظمة بالجاة والسلطة والمال ولم يفطنوا قط إلى أن العظمة عظمة النفس وسموها وتحليها بالخلق الحسن، ثم قالوا عنه (ص) أنه شاعر، وأنه مجنون، وأنه ساحر، أذوه مادياً ومعنوياً، كتبوا صحيفة تعاهدوا فيها ألا يخالطوا آل هاشم ولا يبتاعوا منهم أو يبيعوهم شيئاً لأجل أن تموت القبيلة جوعا أو يستسلمون ويرجع النبى عن دعوته!! وأذوه معنويا بأبشع الشتائم وأقذر الصفات.

ثم كانت الخاتمة التى ختموا بها هذا الإذلال والأذى أن طردوه من مكة!! وما أدراك ما مكة!! تلك المدينة التى لعب فيها النبى طفلا ورعى الغنم فيها صبيا وتاجر فيها شابا وائتُمن على أمانات الناس فيها رجلا.. ويخرج النبى مضطرا، دموعه تغرق وجهه، وبكائه يكاد يذهب بسنا ضوء مقلتيه، ثم يُخرج كلمات مزقها الحزن، وفتتها الهم، واعتصرها الشوق والألم "والله يا مكة إنك لأحب بلاد الله إلى الله، وأحب بلاد الله إلى قلبى، ولولا أن أهلك أخرجونى منها ما خرجت" ما أعظم هذا الولاء.. وما أروع هذا الانتماء!!.

رجل يؤذى بكل ألوان وصنوف الأذى، ما ابتكره شياطين الإنس والجن، ومع ذلك يبكى لفراق وطنه ويتمنى ألا يخرج منه!! ثم تكون المفاجأة عندما يكتب الله له العودة "إن الذى فرض عليك القرآن لرادك إلى ميعاد"، هل يدخل الوطن الذى تربى فيه وبكى لفراقه من قبل منتقماً، هل يخرب وطنه جزاء ما فعلوه معه من قبل؟! هل يقابل السيئة والإذلال بمثلهما!!.

إنه رجل وطنى، حريص على مصلحة وطنه، عاشق لترابه، جاء ليبنى لا ليهدم، جاء برسالة واحدة.. يريد تبليغها بغير إهانة لأحد.. وبغير إذلال لأحد.. ثم إتماماً لمسيرة الحب للوطن يقول لمواطنيه "اذهبوا فأنتم الطلقاء" تلك هى الروح الوطنية التى يغدو نشرها بين الناس فريضة واجبة على الدعاة، لا أن يغذى بعضهم كراهية الوطن والحقد عليه لسبب أو لآخر لا يخفى على ذى عقل، فهل يستجيب وزير الأوقاف لطرح مؤتمر لأجل تجديد الخطاب الدينى، وهل يستجيب الدعاة، لعل ذلك يكون قريبا.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة