القوانين مثل أعضاء الإنسان تنمو بالاستعمال وتضمر بالإهمال، والقوانين التى تصدر فى أى بلد فى العالم ولايتم استخدامها أو تطبيقها تضمر وتنقرض وتصبح مجرد حبر على ورق، وطبعا جزء من مشكلات مصر مع الاستبداد والفساد والمحسوبية ساهمت فى ذلك، أو أدت لتطبيق القانون حسب الشخص، وكان هناك من يستخدم نفوذه لمخالفة القانون، أو يستخدم المال لتعطيله.
عموما فإن أخطر ما يؤدى لانهيار الأمم هو تعطيل القوانين، والإهمال فى تطبيقها، إما عمدا بالرشوة، أو إهمالا وفشلا من المسؤولين. وما نراه اليوم فى مصر هو خليط من الفساد المادى والمعنوى والفشل من رؤساء الأحياء والمحافظين، وهو فشل يؤدى لصناعة الفوضى بالاستهبال.
وإذا فتشنا فى سجلات وأرشيف القوانين والتشريعات فى مصر سوف نجد قوانين لكل شىء ولكل مخالفة بل وهناك قوانين متعددة ومزدوجة، لكن هذه القوانين لا تطبق، ولهذا تسود الفوضى فى كل شىء فى المرور والشوارع والأرصفة والإشغالات، وتظل الجرائم والمخالفات تتكرر ويتشجع مخالفين جدد على ارتكاب المخالفة، ومع الوقت يفقد القانون معناه ويندثر ويبقى مجرد حبر على ورق.
وكما ذكرنا فإن تعطيل القوانين بالفساد والإهمال والتقاعس والتواطؤ، يضاعف ويساعد ويشجع على اتساع المخالفات ويقود إلى ما بعد مخالفة القانون وهو الاستهبال الذى يعنى عدم احترام القانون ولا المواطنين ولا حقوق الغير وهو ما نراه حتى الآن فى الكثير من الشوارع والميادين بالقاهرة والمحافظات
من استمرار الاعتداءات على أرصفة وحرم المترو أو احتلال الشوارع بالإشغالات مع الزبالة، أو يعتبر كل واحد الشارع «بتاعه» فيدق الحديد ويغلق الرصيف بالسلاسل، ليقرر للسيارات مساراتها عنوة، ويتجاوز الدولة التى تكتفى بلافتة ممنوع الانتظار، لكن بعض «المستهبلين» يضعون قانونهم ويطبقونه لعلمهم أنه لا يوجد من يقول لهم «غلط بالقانون»، كل هذا على مرأى ومسمع من الأحياء والأمن والجهات المسؤولة.
نقول هذا ونحن نتذكر الزيارات الميدانية المتعددة لرئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب إلى محافظات وافتتاح مشروعات مختلفة، ونشاط لا يخفى على أحد، فإذا كان رئيس الوزراء يلزم نفسه بالعمل الشاق والتحرك المكوكى، فكيف يعجز عن إلزام المحافظين ورؤساء الأحياء بأن «يعملوا الواجب عليهم».
والحقيقة أن جولات رئيس الوزراء لافتتاح مشروعات بعيدة المدى، تحتاج إلى الاتيان بمسؤولين يطبقون القانون ولا يساهمون فى حالة الاستهبال.
وإذا كان المثل يقول إن «بيت المهمل يخرب قبل بيت الظالم» فإن الإهمال والاستهبال عندنا أصبحا قاعدة تفرض نفسها وتضيع أى جهود للتنمية، ويقود لانقراض واندثار القوانين وسيادة الفوضى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة