أكرم القصاص

لا زراعى.. ولا صناعى

الخميس، 28 أغسطس 2014 07:11 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت هناك مقولة إن الاستعمار يريد مصر بلد زراعى، وأن التقدم لا يتم إلا بالدخول للعالم الصناعى، وكان القصد أن الاستعمار يريد المستعمرات مجرد مصدر للمواد الخام الزراعية والتعدينية، والخامات التى يحصل عليها بتراب الفلوس ويعيد بيعها بعشرات الأضعاف.

ومع سيادة تصور أن مصر يجب أن تكون صناعية، كان يفرض ألا تتراجع عن الزراعة، بل إن فكرة طلعت باشا حرب فى إنشاء مصانع النسيج فى المحلة، أن تكون بجوار إنتاج القطن فى الدلتا، والسكر فى الجنوب بجوار القصب. وهو أمر استمر حتى السبعينيات، خاصة أن العلم أعطى للإنسان ميزة مضاعفة الإنتاج الزراعى أفقيا ورأسيا، ثم إن كل الدول المتقدمة فى أمريكا وأوروبا وآسيا، دعمت زراعتها وحرصت على دعم الفلاح وتزويده بكل أدوات التكنولوجيا مع تطوير الرى والصرف، ورأينا دولا مثل أمريكا وأوروبا وآسيا تنافس فى المنتجات الزراعية مع التكنولوجيا.

وتثبت الأيام أن الزراعة هى الأصل، ومع كل هذا التقدم الهائل فى المعلومات والثروة والتكنولوجيا، كانت الزراعة تحصل على كل الإمكانات. كانت هذه الدول تضاعف المساحات الخضراء التى تواجه التلوث والتصحر، وهناك محاولات لزراعة الأسطح والشرفات.

كان الأمر عندنا مختلفا، عملية تجريف للأراضى الزراعية أنهت مساحات ضخمة من الأرض، للبناء أو إنتاج الطوب، تقلصت الأرض الزراعية وحتى أراضى الاستصلاح لم توسع المساحة بقدر ما بقيت المدن السكنية الجديدة للتجارة والربح أكثر منها لإقامة مجتمعات صحية. لم يتم الاستفادة من خبرات الفلاحين بتشجيعهم للاستقرار فى الأراضى الجديدة.

النتيجة أننا لم نصبح دولة صناعية متقدمة، وربما حصلنا على عيوب الصناعة من تلوث وخلافه، ولم نبق دولة زراعية. وحتى الريف فقد بهاءه واكتفاءه، وأصبح طاردا للمواطنين إلى المدن وبقى الريف متأخرا محروما من الخدمات.

العالم الذى تقدم هو من دعم الفلاح والزراعة وحافظ على الأراضى الزراعية، وفى نفس الوقت نجح فى تحقيق التقدم الصناعة والتكنولوجيا، بينما بقى الفلاح عندنا بعيدا، لا هو لحق بالتقدم ولا هو حصل على الدعم والإمكانات التى تجعله أحرص على الأرض، بالرغم من أن الفلاح فى مصر صاحب خبرات متراكمة من أجيال.

وعليه، فإن أى تفكير فى تنمية حقيقية لمصر ربما يبدأ من الزراعة وتحسين أحوال الفلاح، ليس فقط بدعم مادى لكن بتنمية صحية وخدمية تعيد الريف للاكتفاء الذاتى، وتطور من قدرته على التخزين والتسويق، ومن الفلاح يبدأ التقدم والتنمية، وكل هذا لا يمنع من التوسع فى الصناعة والتكنولوجيا، لأن الأرض لا تزال هى أصل الثروة والتقدم.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة