حنان شومان

جردل حبنا وجردل حبهم

الجمعة، 29 أغسطس 2014 02:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فجأة صارت صورة أحد المشاهير وهو يمسك بدلو من الثلج ويلقيه على أم نفوخه ثم يطلب من مشاهير آخرين يحدد اسمهم تحديه صورة وفيديوهات يتداولها الملايين وتتصدر الصفحات الأولى وتحصل على أعلى تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعى، ذلك لأن هؤلاء المشاهير هم من فئة الرؤساء والسياسيين وكبار نجوم الفن والرياضة والإعلام والاقتصاد فى العالم، فمن بينهم مارك زاكربرج مؤسس فيس بوك، وجورج بوش الابن وفيكتوريا بيكهام وشاكيرا وأنجلينا جولى وفان دينزل وميشيل أوباما وآلاف آخرين.
وكما ذكرت «نيويورك تايمز» فإن تداول الناس لهذه الصور على الفيس بوك تجاوز 1.2 مليون مرة لفيديوهات المشاركين فى هذا التحدى، بينما تجاوز 2.2 مليون مرة على موقع التواصل الاجتماعى تويتر، فما هو هذا الهوس الذى يطلقون عليه تحدى جردل الثلج ice bucket challange، وما حكاية هذا الجردل الساقع الذى صار ينزل على نافوخ المشاهير فى العالم بإرادتهم؟

بالتحديد لا أحد يجزم من ومتى وكيف بدأت الفكرة، ولكن هناك من يقول، إنها بدأت فى منتصف هذا العام فى إحدى ولايات الشمال الأمريكى للفت النظر للدعوة للتبرع لأبحاث مرض السرطان، ثم يقال إن أحد البرامج الرياضية الشهيرة على محطة NBC دعا لهذا التحدى كنوع من لفت الانتباه وجمع تبرعات لأبحاث لمرض يصيب الأعصاب بنوع كامل من الشلل وهو amytrophic lateral sclerosis.
ومن المثير أن الأمريكى كورى جريفن، الذى كان من أوائل مؤسسى هذه الدعوة لمحاربة المرض وجمع تبرعات للبحث فى علاجه لأن أقرب أصدقائه مصاب به، المثير أن هذا الرجل الذى كان من أوائل من ألقوا الثلج على أنفسهم مات فى حادث غرق بالبحر.

لا تظن لأنك مصرى أن الحكاية بهذه البساطة وأن التبرع يعنى متبرعاً بجردل ثلج على نافوخه، لا فالأمر يكتمل بأن من يقبل التحدى ويلقى الثلج على دماغه يدفع تبرعا على الأقل عشرة دولارات لمعهد أبحاث مرض ALS وعليه أن يحدد أسماء لآخرين عليهم أن يردوا التحدى فى خلال 24 ساعة ولو رفضوا التحدى فعليهم دفع تبرع 100 دولار على الأقل وهو ما فعله أوباما حين رفض التحدى بسكب الثلج على نافوخه، وعليك أيضاً أن تعرف أن مؤسسة أبحاث هذا المرض كما ذكرت جريدة نيويورك تايمز قد تلقت بسبب هذا التحدى تبرعات قيمتها 41.8 مليون دولار فيما بين 29 يوليو حتى 21 أغسطس، إذا فسكب الثلج على نافوخ المشاهير يساوى الكثير من أجل أبحاث السرطان وهذا المرض الذى يصيب الأطراف والأعصاب.

ورغم عظمة هذه الفكرة وجدواها فإنها وجدت بعض المنتقدين لها فهناك من انتقد الفكرة لأنها حولت هدفاً نبيلاً من أجل علاج مرض إلى حالة تستدعى المرح وأن هذا تناقض لا يليق، وهناك من دعاة الدفاع عن الحيوانات مثل باميلا أندرسون التى رفضت التحدى والتبرع لأن هذه المؤسسة تقوم تجاربها على الحيوانات، كما وجه آخرون النقد للتحدى لأنه هدر للمياه فى ولاية كاليفورنيا، حيث توجد هوليوود فى ولاية تعانى من الجفاف.

طبعا أكيد حضرتك نفسك تلطم مثلى لأن أغنى دولة فى العالم فيها من ينتقد إلقاء جردل ثلج على الأرض حتى لو كان من أجل تبرعات بالملايين، بينما عندنا فى المحروسة نغسل السيارات بالخراطيم ونترك المياه مفتوحة ليل نهار ونحن فى انتظار الانتهاء من سد النهضة، وأهم من أن تلطم على سد النهضة، أو ربما على نفس القدر من الأهمية ستحتاج لأن تلطم مرة أخرى على هذه الفيديوهات التى يتم تداولها لبعض فنانينا ومشاهير آخرين أصابتهم حمى جرادل الثلج ولكن بلا طائل إلا المنظرة، هيفاء وهبى والست فيفى عبده وآخرون انضموا وآخرون فى طريقهم، يلقون بجردل الثلج على نافوخ حضراتهم دونما تبرع لهدف ما يخصنا أو يخص غيرنا، فلا هم يتبرعون لأبحاث المرض لأن ليس لدينا مؤسسات بحثية لهذا المرض ولا غيره من الأمراض، «يعنى مش نايبنا غير هدر المياه وخبر وفيديو عن الفنانين أو غيرهم وتحدى بلا معنى».

الغرب يخترع الموبايل لنجدة الناس فى أى وقت وسهولة التواصل ونحن هنا نستخدمه لأخبارك إيه وطابخة إيه النهارده وخراب البيوت، الغرب يخترع السيارة لسهولة الحركة وسرعتها ونحن نستخدمها فى المعاكسات والرذالة على خلق الله والمنظرة، الغرب يبتكر فكرة عيد الحب لممارسة عادة الحب والتذكير به ونحن نحوله لمهرجان للأونطة، وها هو الغرب يبتكر وسيلة رائعة لدعم أبحاث لعلاج أمراض ونحن نحوله لخبر يقول إن فيفى عبده ترسل خمس قبلات لشاب وتقبل التحدى وترمى على نافوخها جردل ميه ساقعة، وهذا ببساطة الفرق بين جردل حبهم وجردل حبنا.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة