شاهدت مع كثيرين صورة الرغيف العملاق الذى ظهر مع وزير التموين خالد حنفى، وهو رغيف ضخم الجثة عريض مستوى عميق مبتسم يكفى الفرد ويفيض منه، وهو الرغيف الذى أعلن عنه الوزير وقال إنه سيكون نموذج الرغيف التاريخى ضمن ما يسمى منظومة الخبز، هذا الرغيف الفرعونى الذى ظهر فى صورة «سيلفى» مع الوزير، قطره يقترب من النصف متر، وله هيئة غذائية، وطلة مستوية.
عندما شاهدت الرغيف قلت خيرا، وشعرت «ببهجت» أننا سنشهد منظومة خبز بهذه الضخامة، توفر الدعم، وتغذى الناس وتعالج الخلل، وتفاءلت خيرا، لكن على مستوى آخر إذا راقبت مئات الأفران البلدية سمح لها بإنتاج الرغيف الطباقى أو المميز، فئة «الربع جنيه والنصف جنيه» تكتشف أنها لاتخضع لأى نوع من رقابة الوزير. ولهذا خفضت من طرف واحد حجم الرغيف بدرجة جعلته يقترب من الاختفاء، ويصعب رؤيته بالعين المجردة، ويمكن وضعه فى جيب الساعة أو الجيب الصغير.
ولأن هذه الأفران لاتخشى الرقابة أو الحساب، وتنتج الرغيف متناهى الصغر، وإذا كان وزير التموين عاجز عن مراقبة الأفران التى تنتج الرغيف من الدقيق الحر، وإذا كانت هذه الأفران تتخيل أنها حرة فى إنتاج الرغيف بأى حجم، من الصعب تماما الاطمئنان إلى المنظومة الفرعونية التى يتصور معها السيد الوزير، إلا إذا كان الوزير يريد تشجيع الناس للحصول على «رغيفه السيلفى الفرعونى»، لكن المشكلة أن هذا الرغيف ليس موجودا إلا فى الصور ويحتاج لحضور الوزير شخصيا.
وعليه ومن أجله إذا كان السيد الوزير ترك الأفران الخاصة تتحكم فى حجم وشكل الرغيف وتسرقه، فهل يمكن أن يثق المواطن فى صحة وجود الرغيف الفضائى السيلفى الذى يروجه وزير التموين هو يرى المنظومة خالية من الرقابة، ومن يضمن نجاح منظومة الوزير فى غياب منظومة الرقابة؟
والهدف الظاهر من منح تراخيص لأفران تنتج العيش أبو ربع أو نصف جنيه، هو تخفيف الضغط عن منظومة الدعم، وغياب الرقابة جعل الأفران تنتج عيشا لايرى بالعين، وبالقانون تستحق هذه الأفران الغلق والعقاب، ولا يعنى اقتصاد السوق أن نترك الأفران الخاصة تسرق العيش وتنتج أرغفة متناهية الصغير، والأفران الفينو والبلدى الحر تخفض الرغيف من دون أن يظهر مفتش تموين يوحد ربه يقول لهؤلاء الناس عيب، والنتيجة عيش يحتاج إلى عدسات مكبرة.
لكن الواضح أن السيد الوزير ومفتشى التموين، مشغولون بتجهيز أكبر منظومة لتصوير العيش الافتراضى، تمهيدا لطرحه على «فيس بوك».