عندما أعلن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر عن تأميم قناة السويس والبدء فى بناء السد العالى كان كل فرد فى الشعب المصرى يعيش الحلم والأمل فى نهاره وليله وفى يقظته ونومه، لأن عبدالناصر لم يشأ أن يعيش بمفرده مع أركان نظامه وأعضاء حكومته هذا الحلم ويحمل فوق كاهله وحده ثقل وعبء المسؤولية، فأراد بذكاء القائد أن يفترش بساط الحلم على كل ربوع الوطن ليسكن كل فرد فيه، عاش كل مصرى - وليس عبدالناصر وحده -تحدى معركة بناء السد كمشروع قومى للنهضة والتنمية والعبور بمصر إلى آفاق المستقبل بإرادتها الحرة وقرارها الوطنى المستقل.
لم يتردد عبدالناصر أو تنتابه نوبات الخوف والفزع فى إعلان تأميم القناة لبناء السد العالى، بل أعلنها بكل ثقة فى النفس وفى القدرة على التنفيذ وبكل ثقة فى الشعب الذى لم يخذله، وخرج اليه وبالصوت العالى ليشاركه معركة التحدى وحلم البناء، فى كل بيت وفى كل حارة وزقاق وشارع وعلى كل مقهى وفى كل منتدى لم يعلو صوت أو حديث فوق صوت بناء السد العالى، وكتب الأبنودى «يوميات حراجى القط» التى تداولها الناس شعرا، وغنى حليم وأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب ومحمد رشدى وشادية للسد وردد الناس معهم.
أتذكر تلك الأيام لأقارن بما يجرى اليوم من تردد وخجل وعلى استحياء فى إعلان مشروعات قومية كبرى مثل زراعة واستصلاح 4 ملايين فدان وإضافة نصف مساحة المساحة المزروعة فى أكثر من 200 عام فى حوالى 8 سنوات، وهو المشروع الذى أعلن عنه الرئيس السيسى فى اجتماع حكومى وكنت أتمنى أن يعلن عنه فى خطاب إلى الشعب ليشاركة الحلم ويبث فيه الثقة فى القدرة على الإنجاز لأنه مشروع يتعلق بمستقبل الجيل الحالى والأجيال القادمة، أتمنى أن نجيد فن صناعة الأمل ونسج الأحلام فى عقول ووجدان الشعب حتى تتحول إلى أمر واقع ملموس ليجنى القائد والشعب سويا حصاد الحلم والأمل.
نحن أمام مشروع قومى ضخم آخر وهو مشروع تنمية محور قناة السويس الذى يمكنه جعل مصر دولة اقتصادية كبرى فى المنطقة فى 8 سنوات، وهو مشروع لا يقل فى أهميته ودوره عن مشروع السد العالى مع اختلاف الظروف السياسية والاجتماعية، وأدعو إلى أن يعلن عنه الرئيس أمام الشعب ويدعو إليه كل وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والعالمية، ويحتشد حوله المبدعون والمثقفون والفنانون ورجال الأعلام مثلما فعل المصريون مع السد العالى.